فيها ، فإذا هم يزهرون ، وأقام القمر على ذلك ما شاء ، وكانوا يقصدونه مرة ، ويتأخرون عنه مرّة ، ثم صار أحدهما ملازما له حتى ما رأيت إلّا أن الطالع الأكبر منهم قد أفل وهو الذي قد طلع بعد ذهاب ذينك ، فقلت : ما هذا؟ فقيل لي : هذا رجل يملك الدّنيا ، ثم يقتل ويتفرق عنه من رأيت من قومه ، فقلت : إن هذا لعجب ولقد وافاني أحد تلك النجوم حتى دخل إلى بيتي فرأيته محزونا خامدا نوره فكلمته وكلّمني ، فقلت : مالك؟ فقال لي : لا احسن الكلام ، ثم بكى ، فقلت : مم بكاؤك؟ فقال : إن صاحبي يقتل وولدك يقتلون ظلما ، كما قتل اللّذان رأيت ظلما ، وأنه سيكون بعدك فتنة ، وأنه يؤخذ منك ولدك وولد ولدك ، فلو لا أن الله يريد أن لا يهلك العباد كلّهم لرجمهم كما رجم قوم لوط بالحجارة».
قال : فقام رسول الله ، وقمت معه ، وبيده علي حتى دخل على فاطمة ، فقامت مستقبلة له وهي تبكي ، فضمّها إلى صدره وقبلها في رأسها وهو يبكي ، وسألها عن الرؤيا؟ فأخبرته فقال : «إن عشت سترين ، غير أنّك لا تعيشين ، وسيعيش زوجك ويرى ذلك أنه قد نزل عليّ في هذه الليلة ألف ملك ، يعزونني في نفسي وفيك ، وإنك لا تعيشين من بعدي إلّا يسيرا ، والذي رأيت من الأقمار ، هم كما رأيت ـ أبو بكر وعمر ـ ، والقمر الثالث : رجل من بعدهما مني ، هو شيخ قريش وأوسعها حلما وأفضلها سخاء وأكثرها عطاء ، يا علي! لا تختلف عليه بذلك.
أخبرني حبيبي وإنّك ستراه في مقامك هذا ـ فطلع عثمان بن عفان ـ ، وأنّ ولدك يقتل ، وأن ذريتك تقتل ، وتحمل نسائي وبناتي إلى الشّام ، والملائكة بذلك يخبروني ، وجاءني جبرئيل يقرؤك السلام ، ويقرئ عليا السلام ، ويعزيني فيكما وفي ولديكما ، ولا تسكن الفتنة إلّا بكما ، وأنّ الله