من منزلها متلفعة ـ بملاءة ـ لها ، ومعها نسوة من قريش ، حتّى دخلت المسجد ، فلمّا نظر إليها ـ مروان ـ كأنّه فزع من ذلك ، فقال : سألتك بالله ، يا أم المؤمنين! إن قلت إلّا حقا. فقالت عائشة : لا أقول إلا حقا ، أشهد لقد لعن رسول الله أباك ، ولعنك فأنت فضض من لعنة رسول الله ، وأنت الطريد ابن الطريد ، أتكلم أخي ـ عبد الرحمن ـ بما تكلّمه ، فسكت مروان ، ولم يرد عليها شيئا ، وتفرق الناس.
وكتب مروان إلى معاوية يخبره بما كان من عبد الرحمن بن أبي بكر ، فلما قرأ معاوية كتاب مروان أقبل على جلسائه ، وقال : عبد الرحمن شيخ قد خرف ، وذهب عقله ، ونحن أن نكف ونحتمل ما كان منه ، فليس هذا من رأيه ، ولكن رأي غيره.
٣ ـ أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور الديلمي ـ كتابة ـ ، أخبرنا محمود ابن إسماعيل الصيرفي ، أخبرنا أحمد بن فادشاه [ح] وأخبرنا أبو علي الحداد إجازة ، أخبرنا أبو نعيم ، قالا : أخبرنا الطبراني ، عن أحمد بن رشدين المصري ، عن محمد بن سفيان الحضرمي ، عن ابن لهيعة ، عن أبي قبيل : أنّ ابن موهب أخبره : أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان فدخل عليه مروان فكلمه في حوائجه ، وقال : اقض حاجتي ، يا أمير المؤمنين! فو الله ، إن مئونتي لعظيمة ، إني أصبحت أبا عشرة ، وأخا عشرة ، وعمّ عشرة ، فلما أدبر مروان ، قال معاوية لابن عباس ـ وكان جالسا معه على سريره ـ : أنشدك الله ، يا ابن عباس! أما تعلم أن رسول الله قال : «إذا بلغ ـ بنو الحكم ـ ثلاثين رجلا : اتخذوا مال الله بينهم دولا ، وعباده خولا ، وكتابه دغلا ، فإذا بلغوا تسعة وتسعين وأربعمائة ، كان هلاكهم أسرع من التمرة.
فقال ابن عباس : اللهمّ! نعم ، ثم قال : أنشدك الله يا ابن عباس! أما