طالب عليهالسلام ، وما فعلت ـ بحجر بن عدي ـ وأصحابه ، ولو لا هواي من يزيد لأبصرت رشدي ، وعرفت قصدي.
قال : ولما أخذ البيعة ـ ليزيد ـ أقبل عليه ، فقال : يا بني! أخبرني الآن ما أنت صانع في هذه الأمة؟ أتسير فيهم بسيرة ـ أبي بكر الصديق ـ الذي قاتل أهل الردّة ، وقاتل في سبيل الله ، حتى مضى والنّاس عنه راضون؟ فقال : يا أمير المؤمنين! إني لا اطيق أن أسير بسيرة أبي بكر ، ولكن آخذهم بكتاب الله وسنّة رسوله.
فقال : يا بني! أتسير فيهم بسيرة ـ عمر بن الخطاب ـ الذي مصر الأمصار ، وفتح الديار ، وجنّد الأجناد ، وفرض الفروض ، ودوّن الدواوين ، وجبا الفيء ، وجاهد في سبيل الله ، حتّى مضى والنّاس عنه راضون؟ فقال يزيد : لا أدري ما صنع عمر؟ ولكن آخذ الناس بكتاب الله والسنّة.
فقال معاوية : يا بني! أفتسير فيهم بسيرة ابن عمك ـ عثمان بن عفّان ـ الذي أكلها في حياته ، وورثها بعد مماته ، واستعمل أقاربه ، فقال يزيد : قد أخبرتك يا أمير المؤمنين! إنّ الكتاب بيني وبين هذه الامة : به آخذهم ، وعليه أقتلهم.
قال : فتنفس معاوية الصعداء ، وقال : إني من أجلك آثرت الدّنيا على الآخرة ، ودفعت حق ـ عليّ بن أبي طالب ـ ، وحملت الوزر على ظهري ، وإني لخائف أنّك لا تقبل وصيتي فتقتل خيار قومك ، ثم تغزو حرم ربّك فتقتلهم بغير حقّ ، ثم يأتي الموت بغتة ، فلا دنيا أصبت ، ولا آخرة أدركت.
يا بني! إني جعلت هذا الملك مطعما لك ولولدك من بعدك ، وإني موصيك بوصية فاقبلها ، فإنك تحمد عاقبتها ، وانّك بحمد الله صارم