يديك ، أم والله ، لا تقدر منه على مثلها أبدا ، وو الله ، ليخرجنّ عليك وعلى أمير المؤمنين فاعلم ذلك ، فقال الوليد لمروان : ويحك ، إنك قد أشرت عليّ بقتل الحسين ، وفي قتله : ذهاب ديني ودنياي ، والله ، إني لا احب أن أملك الدّنيا بأسرها شرقها وغربها وإني قتلت ـ الحسين بن فاطمة ـ ، والله ، ما أظن أحدا يلقى الله يوم القيامة بدمه إلّا وهو خفيف الميزان عند الله ، لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم.
قال : وأصبح الحسين من غده يستمع الأخبار فاذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه ، فقال : أبا عبد الله! إني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدد ، فقال : «وما ذاك؟ قل أسمع» ، فقال : إني أرشدك لبيعة يزيد ، فإنها خير لك في دينك وفي دنياك ، فاسترجع الحسين ، وقال : «إنا لله وإنا إليه راجعون ، وعلى الإسلام السّلام إذا بليت الامة براع مثل يزيد ، ثم قال : يا مروان! أترشدني لبيعة يزيد ، ويزيد رجل فاسق ، لقد قلت شططا من القول وزللا ، ولا ألومك فإنك ـ اللعين ـ الذي لعنك رسول الله ، وأنت في صلب أبيك ـ الحكم بن العاص ـ ، ومن لعنه رسول الله فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد ، إليك عني يا عدو الله! فإنّا أهل بيت رسول الله ، الحقّ فينا ينطق على ألسنتنا ، وقد سمعت جدّي رسول الله يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فإذا رأيتم معاوية على منبري فأبقروا بطنه ، ولقد رآه أهل المدينة على منبر رسول الله فلم يفعلوا به ما امروا ، فابتلاهم بابنه يزيد».
فغضب مروان من كلام الحسين فقال : والله ، لا تفارقني حتّى تبايع ليزيد صاغرا ، فإنكم ـ آل أبي تراب ـ قد ملئتم شحناء ، واشربتم بغض ـ آل أبي سفيان ـ ، وحقيق عليهم أن يبغضوكم.