فقال الحسين : «إليك عني ، فإنك رجس ، وإني من أهل بيت الطهارة قد أنزل الله فينا : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)» الأحزاب / ٣٣ ، فنكس رأسه ولم ينطق. ثمّ قال له الحسين : «ابشر ، يا ابن الزرقاء! بكل ما تكره من رسول الله ، يوم تقدم على ربّك فيسألك جدي عن حقي وحق يزيد» ، فمضى مروان الى الوليد وأخبره بمقالة الحسين.
قال : وكان ـ عبد الله بن الزبير ـ مضى إلى مكة حين اشتغلوا بمحاورة الحسين ، وتنكب الطريق ، فبعث الوليد بثلاثين رجلا في طلبه ، فلم يقدروا عليه ، فكتب الوليد إلى يزيد يخبره بما كان من أمر ابن الزبير ؛ ومن أمر الحسين ، وأنّه لا يرى عليه طاعة ولا بيعة.
فلما ورد الكتاب على يزيد غضب غضبا شديدا ، وكان إذا غضب احولّت عيناه ، فكتب إلى الوليد :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة
أما بعد ، فإذا ورد عليك كتابي هذا ، فخذ البيعة ثانية على ـ أهل المدينة ـ توكيدا منك عليهم ، وذر عبد الله بن الزبير فإنه لن يفوتنا ، ولن ينجو منا أبدا ما دمنا أحياء ، وليكن مع جواب كتابي هذا رأس الحسين ، فإن فعلت ذلك ، جعلت لك أعنة الخيل ، ولك عندي الجائزة العظمى ؛ والحظ الأوفر ، والسّلام.
فلما ورد الكتاب على الوليد أعظم ذلك ، وقال : والله ، لا يراني الله ، وأنا قاتل الحسين بن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولو جعل لي يزيد الدنيا وما فيها.
قال : وخرج الحسين من منزله ذات ليلة وأتى قبر جدّه صلىاللهعليهوآله فقال : «السلام عليك يا رسول الله! أنا الحسين بن فاطمة ، فرخك وابن فرختك ،