مذبوحا بأرض كربلاء ، بين عصابة من امتي ، وأنت في ذلك عطشان لا تسقى ، وظمآن لا تروى ، وهم في ذلك يرجون شفاعتي ، ما لهم لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة؟ وما لهم عند الله من خلاق ، حبيبي يا حسين! إن أباك وامك وأخاك قدموا عليّ وهم إليك مشتاقون ، وان لك في الجنّة لدرجات لن تنالها إلّا بالشهادة».
قال : فجعل الحسين في منامه ينظر إلى جده محمد صلىاللهعليهوآله ويسمع كلامه ، ويقول له : «يا جداه! لا حاجة لي في الرجوع إلى الدنيا ، فخذني إليك وأدخلني معك إلى قبرك» ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : «يا حسين! لا بدّ لك من الرجوع الى الدّنيا حتى ترزق الشهادة ، وما قد كتب الله لك من الثواب العظيم ، فإنك ؛ وأباك ؛ وامّك ؛ وأخاك ؛ وعمك ؛ وعمّ أبيك ، تحشرون يوم القيامة في زمرة واحدة حتى تدخلوا الجنّة».
قال : فانتبه الحسين من نومه فزعا مرعوبا ، فقص رؤياه على أهل بيته ؛ وبني عبد المطلب ، فلم يكن في ذلك اليوم في شرق ولا غرب قوم أشد غماء من أهل بيت رسول الله ولا أكثر باكيا ولا باكية. قال : وتهيأ الحسين عليهالسلام ، وعزم على الخروج من المدينة ، ومضى في جوف اللّيل الى قبر أمه ، فصلّى عند قبرها وودعها ، ثم قام من قبرها ، وصار إلى قبر أخيه الحسن عليهالسلام ففعل كذلك ، ثم رجع إلى منزله في وقت الصبح ، فأقبل إليه أخوه ـ محمد بن الحنفية ـ ، فقال له : يا أخي! فديتك نفسي أنت أحبّ الناس إلي وأعزهم عليّ ، ولست والله أدخر النصيحة لأحد من الخلق ، وليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري ، وكبير أهل بيتي ، ومن وجب طاعته في عنقي ، لأنّ الله تبارك وتعالى قد شرفك وجعلك من سادات أهل الجنّة ، إني اريد أن اشير عليك فاقبل مني.