خيارهم ، وسفك دماءهم ، وأن معاوية حكم فيهم ظلما بغير رضى منهم ، وغلبهم على ثغورهم التي أفاء الله بها عليهم ، وأن عاملهم يتجبر ويعمل أعمال كسرى وقيصر ، فأتينا لنأمر بالعدل ، وندعو إلى الحكم بكتاب الله إذ كنا أهله ، ولم تزل الخلافة لنا ، وإن قهرنا عليها ، رضيتم بذلك أم كرهتم ، لأنكم أول من خرج على إمام هدى وشق عصا المسلمين ، ولا نعلم لنا ولكم مثلا ، إلّا قول الله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) الشعراء / ٢٢٧.
قال : فجعل ابن زياد يشتمه ، ويشتم عليا ؛ والحسن ؛ والحسين ، فقال مسلم : أنت وأبوك أحقّ بالشتم والسبّ ، فاقض ما أنت قاض يا عدوّ الله! فنحن أهل بيت موكل بنا البلاء ، فقال ابن زياد : اصعدوا به إلى أعلى القصر ، واضربوا عنقه ، واتبعوا رأسه جسده ، فقال مسلم : أم والله ، يا ابن زياد! لو كنت من قريش أو كان بيني وبينك رحم لما قتلتني ، ولكنك ابن أبيك ، فازداد ابن زياد غضبا ، ودعا برجل من أهل الشام قد كان مسلم ضربه على رأسه ضربة منكرة ، فقال له : خذ مسلما إليك واصعده إلى أعلى القصر ، وأضرب أنت عنقه بيدك ، ليكن ذلك أشفى لصدرك.
قال : فأصعد مسلم إلى أعلى القصر ، وهو يسبّح الله ويستغفره ، ويقول : اللهم! احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا ، حتى اتي به إلى أعلى القصر ، فتقدم ذلك الشامي ، وضرب عنقه ، ثمّ نزل الشامي وهو مذعور مدهوش ، فقال له ابن زياد : ما شأنك أقتلته؟ قال : نعم ، إلّا أنه عرض عارض ، فأنا به مرعوب ، قال : وما الذي عرض؟ قال : رأيت ساعة قتلته رجلا بحذائي : أسود شديد السواد ؛ كريه المنظر ، عاضا على إصبعه أو قال شفته ، ففزعت منه فزعا لم افزع مثله قط ، فتبسم ابن زياد ، وقال : دهشت