يمضي معنا للعراق أوفيناه كراه ، وأحسنا صحبته ، ومن أحبّ أن يفارقنا من مكاننا هذا ، أعطيناه من الكرى ما قطع من الأرض».
فمن فارقه منهم حوسب وأوفاه حقّه ، ومن مضى معه أعطاه كراه وكساه ، ثمّ سار حتى إذا صار «بذات عرق» لقيه رجل من ـ بني أسد ـ يقال له : بشر بن غالب ، فقال له الحسين : «ممّن الرجل»؟ قال : من بني أسد ، قال : «فمن أين أقبلت»؟ قال : من العراق ، قال : «فكيف خلفت أهل العراق»؟ فقال : يا ابن رسول الله! خلفت القلوب معك ، والسيوف مع بني اميّة ، فقال له الحسين : «صدقت يا أخا بني أسد! إنّ الله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد» ، فقال له الأسدي : يا بن رسول الله! أخبرني عن قول الله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) الإسراء / ٧١ ، فقال له الحسين عليهالسلام : «نعم ، يا أخا بني أسد! هما إمامان : إمام هدى دعا إلى هدى ؛ وإمام ضلالة دعا إلى ضلالة ، فهذا ومن أجابه إلى الهدى في الجنّة ، وهذا ومن أجابه إلى الضلالة في النار».
قال : واتصل الخبر ـ بالوليد بن عتبة ـ أمير المدينة : بأنّ الحسين بن عليّ توجه إلى العراق ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد : أما بعد : فإن الحسين ابن علي قد توجه إلى العراق ، وهو ابن فاطمة البتول ، وفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله فاحذر يا ابن زياد! أن تأتي إليه بسوء فتهيج على نفسك في هذه الدنيا ما لا يسدّه شيء ، ولا تنساه الخاصة والعامة أبدا ما دامت الدنيا.
قال : فلم يلتفت عدوّ الله إلى كتاب الوليد بن عتبة.
٢ ـ أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن عليّ بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد البيهقي ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا محمد بن يعقوب ،