مولدين ، فقلنا : أين أبوكم فقالوا : في الفسطاط يتوضأ ، فلم يلبث أن خرج إلينا ، فسألناه عن الحسين ومخرجه ، فقال : أما إنّه لا يحيك (١) فيه السلاح ، فقلت له : أتقول هذا فيه ، وأنت بالأمس تقاتله وأباه؟ فسبني فسببته ، وخرجنا من عنده ، فأتينا ماء لنا ، يقال له : «تعشار» فجعل لا يمر بنا أحد إلّا سألناه عن الحسين حتّى مرّ بنا ركب ، فسألناهم : ما فعل الحسين؟ قالوا : قتل ، فقلت : فعل الله ـ بعبد الله بن عمرو ـ وفعل.
وفي رواية ـ عبد الرزاق ـ قال : فرفعت يدي ، وقلت : اللهم! افعل بعبد الله بن عمرو إن كان قد سخر بي.
قال الحميدي : قال سفيان : أخطأ الفرزدق التأويل ، إنما أراد ـ عبد الله بن عمر ـ وبقوله : لا يحيك فيه السلاح : أنه لا يضره السلاح مع ما قد سبق له ، ليس أنه لا يقتل ، كقولك : حاك في فلان ما قيل فيه.
٤ ـ وبهذا الإسناد ، قال أحمد بن الحسين : والذي يؤكد قول سفيان من اعتقاد ـ عبد الله بن عمرو ـ في الحسين بن علي ، ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني مسلم بن الفضل الآدمي ـ بمكة ـ ، حدثني أبو شعيب الحراني ، حدثني داود بن عمرو ، حدثني علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أبيه ، قال : كنت في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله في حلقة فيها : أبو سعيد الخدري ؛ وعبد الله بن عمرو بن العاص ، فمرّ بنا ـ الحسين بن عليّ ـ فسلّم فردّ عليه القوم ، فسكت عبد الله بن عمرو حتى إذا فرغوا رفع عبد الله بن عمرو صوته ، فقال : وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته ، ثمّ أقبل على القوم فقال : ألا اخبركم بأحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا : بلى ، قال : هذا هو المقتفي ، والله ، ما كلمني بكلمة من
__________________
(١) يحيك : أي يؤثر.