مضروب ، ورمح مركوز ، وسيف معلّق ، وفرس واقف على مذود (١) ، فقال الحسين : «لمن هذا الفسطاط»؟ فقيل : لرجل يقال له : «عبيد الله بن الحر الجعفي» ، فأرسل إليه الحسين برجل من أصحابه ، يقال له : «الحجاج بن مسروق الجعفي» فأقبل حتى دخل عليه في فسطاطه ، فسلّم عليه فردّ عليه عبيد الله السلام ، ثمّ قال له : ما وراءك؟ قال : ورائي ، والله ، يا ابن الحر! الخير ، إنّ الله تعالى قد أهدى إليك كرامة عظيمة إن قبلتها ، فقال عبيد الله : ما ذاك؟ قال الحجاج : هذا ـ الحسين بن علي ـ يدعوك إلى نصرته ، فإن قاتلت بين يديه اجرت ، وإن قتلت استشهدت ، فقال عبيد الله : والله ، يا حجاج! ما خرجت من الكوفة إلّا مخافة أن يدخلها الحسين وأنا فيها لا أنصره ، فإنه ليس له فيها : شيعة ؛ ولا أنصار ، إلّا مالوا إلى الدنيا وزخرفها ، إلّا من عصم الله منهم ، فارجع إليه وأخبره بذلك.
قال : فجاء الحجاج الى الحسين وأخبره ، فقام الحسين عليهالسلام فانتعل ، ثمّ صار إليه في جماعة من أهل بيته وإخوانه ، فلما دخل عليه وثب عبيد الله بن الحر عن صدر المجلس ، وأجلس الحسين فيه ، فحمد الله الحسين وأثنى عليه ، ثمّ قال :
«أما بعد ـ يا ابن الحر! فإن أهل مصركم هذا كتبوا إليّ ، وأخبروني أنهم مجتمعون على أن ينصروني ، وأن يقوموا من دوني ، وأن يقاتلوا عدوي ، وسألوني القدوم عليهم ، فقدمت ولست أرى الأمر على ما زعموا ، لأنهم قد أعانوا على قتل ابن عمي ـ مسلم بن عقيل ـ وشيعته ، وأجمعوا على ـ ابن مرجانة ـ عبيد الله بن زياد ، مبايعين ليزيد بن معاوية ، يا ابن الحر! إنّ الله تعالى مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيام الخالية ، وإني
__________________
(١) المذود : معتلف الفرس.