ابن فاطمة ، فسكت عمر ، وفي قلبه من الري ما فيه. ولما أصبح ذهب إلى عبيد الله بن زياد ، فقال له : ما عندك يا عمر؟ فقال : أيها الأمير إنّك قد وليتني هذا العمل ، وكتبت العهد ، وقد سمع النّاس به ، فإن رأيت أن تنفذه لي ، وتبعث إلى قتال الحسين غيري من أشراف أهل الكوفة ، فإن بها مثل ـ أسماء بن خارجة ؛ وكثير بن شهاب ؛ ومحمّد بن الأشعث ؛ وعبد الرحمن ابن قيس ؛ وشبث بن ربعي ؛ وحجار بن أبجر ، فقال له : يا عمر! لا تعلمني بأشراف أهل الكوفة ، فإني لا أستأمرك فيمن اريد أن أبعث ، فإن سرت إلى الحسين وفرجت عنّا هذه الغمة ، فأنت الحبيب القريب ، وإلّا فاردد إلينا عهدنا ، والزم منزلك فإنا لا نكرهك.
فسكت عمر بن سعد ، وغضب عبيد الله بن زياد ، فقال : والله ، يا ابن سعد لئن لم تسر إلى الحسين وتتول حربه ، وتقدم عليه بما يسوء ، لأضربنّ عنقك ، ولأهدمنّ دارك ، ولأنهبنّ مالك ، ولا ابقي عليك كائنا ما كان ، فقال عمر : فإني سائر إليه غدا إن شاء الله ، فجزاه عبيد الله خيرا ، وسرى عنه غضبه ، ووصله وأعطاه ، وضمّ إليه أربعة آلاف فارس ، وقال له : خذ بكظم الحسين ، وحل بينه وبين الفرات.
فسار عمر بن سعد من غده في أربعة آلاف إلى «كربلاء» ، وكان الحر عنده الف فتكامل خمسة آلاف ، ولما جاء عمر كربلاء دعا رجلا من أصحابه ، يقال له : «عروة بن قيس الأحمس» ، فقال له : امض إلى الحسين وسله : ما الذي جاء به إلى هذا الموضع؟ وما الذي أخرجه من مكة بعد ما كان مستوطنا بها؟ فقال عروة : أيها الأمير! إني كنت قبل اليوم اكاتب الحسين ويكاتبني ، وإني لأستحي أن أصير إليه ، فإن رأيت أن تبعث غيري ، فبعث رجلا ، يقال له : «كثير بن عبد الله الشعبي» وكان فارسا بطلا شجاعا