إنّ ـ علي بن أبي طالب ـ قد كان عندنا بالكوفة ، فخطب إلينا فزوجناه بنت عم لنا ، يقال لها : «أمّ البنين» بنت حزام ، فولدت له : عبد الله ؛ وعثمان ؛ وجعفرا ؛ والعباس ، فهم بنو اختنا ، وهم مع أخيهم ـ الحسين بن عليّ ـ ، فإن أذنت لنا أن نكتب إليهم كتابا بأمان منك فعلت متفضلا ، فأجابه عبيد الله بن زياد إلى ذلك ، فكتب عبد الله بن المحل ، ودفع الكتاب إلى غلام له ، يقال : «عرفان».
فلما ورد الكتاب إلى إخوة الحسين ، ونظروا فيه ، قالوا للغلام : اقرأ على خالنا السلام ، وقل له : لا حاجة لنا في أمانك ، فإن أمان الله خير لنا من أمان «ابن مرجانة» ، فرجع الغلام إلى الكوفة ، فأخبره بذلك ، فعلم عبد الله بن المحل أنّ القوم مقتولون. وأقبل شمر بن ذي الجوشن على عسكر الحسين ، ونادى بأعلى صوته : أين بنو اختي؟ أين عبد الله ؛ وعثمان ؛ وجعفر ـ بنو عليّ بن أبي طالب؟ فسكتوا ، فقال الحسين : «أجيبوه ، ولو كان فاسقا ، فإنه بعض أخوالكم» ، فنادوه : ما شأنك؟ وما تريد؟ فقال : يا بني اختي! أنتم آمنون ، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين ، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ، فناداه العباس بن عليّ : تبّت يداك يا شمر! لعنك الله ، ولعن ما جئت به من أمانك هذا ، ويا عدوّ الله! أتأمرنا أن نترك أخانا الحسين بن فاطمة ، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟ فرجع شمر إلى عسكره مغيظا.
قال : وجمع الحسين عليهالسلام أصحابه بين يديه ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، وقال : «اللهمّ لك الحمد على ما علّمتنا من القرآن ، وفقّهتنا في الدّين ، وأكرمتنا به من قرابة رسولك محمد صلىاللهعليهوآله ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، فاجعلنا من الشاكرين ، أما بعد ـ فإني لا أعلم أصحابا أصلح