فقالت : هل تراه الآن؟ قال : «لا».
قالت : ما هذا بشيطان! إن هذا لملك ، يا بن عم! فاثبت وابشر ، ثمّ آمنت به وشهدت أنّ الذي جاء به الحق.
٢ ـ وبهذا الإسناد ، عن ابن إسحاق ، حدّثني عبد الملك بن عبد الله الثقفي ، عن بعض أهل العلم ـ وساق حديث المبعث بطوله ـ إلى أن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لخديجة: «إنّي أخاف الجنون» ، فقالت له خديجة : اعيذك بالله يا أبا القاسم! من ذلك ، ما كان الله ليفعل بك ذلك مع ما أعلم من صدق حديثك ، وعظم أمانتك ، وحسن خلقك ، وصلة رحمك.
وما ذاك يا بن العم؟ لعلّك قد رأيت شيئا أو سمعته. فأخبرها : «أنّه رأى جبرائيل واقفا في الهواء يقول له : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)» العلق / ١.
فقالت له : أبشر يا بن عم! واثبت له ، فو الّذي يحلف به ، إنّي لأرجو أن تكون نبيّ هذه الأمّة ، ثمّ قامت فجمعت ثيابها عليها وانطلقت إلى ـ ورقة بن نوفل ـ وهو ابن عمّها ، وكان قد قرأ الكتب وتنصر ، وسمع من ـ التوراة والانجيل ـ ، فأخبرته الخبر وقصّت عليه ما قصّه رسول الله صلىاللهعليهوآله عليها.
فقال ورقة : قدّوس قدّوس. والّذي نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتني يا خديجة! لهو نبيّ هذه الامّة ، وأنّه ليأتيه الناموس الأكبر الّذي كان يأتي موسى ، فقولي له : فليثبت.
فرجعت إلى رسول الله فأخبرته الخبر فسهل ذلك عليه بعض ما فيه من الهم ، فلمّا قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله جواره من «حراء» بدأ بالكعبة فطاف بها ، فلقيه ورقة ـ وهو يطوف بالكعبة ـ ، فقال : يا ابن أخي! خبّرنا بالذي رأيت وسمعت؟ فأخبره بذلك.
فقال له : إنّك لنبيّ هذه الامّة ، ولتؤذين ، ولتكذبن ، ولتقاتلن