الليل ، فنزلوا عند رجل من اليهود ، فلما شربوا وسكروا ، قالوا له : عندنا رأس الحسين ، فقال لهم : أروني إياه ، فأروه إياه بصندوق يسطع منه النور إلى السماء ، فعجب اليهودي ، واستودعه منهم ، فأودعوه عنده ، فقال اليهودي للراس ـ وقد رآه بذلك الحال ـ : اشفع لي عند جدك ، فأنطق الله الرأس ، وقال : «إنما شفاعتي للمحمّديين ولست بمحمدي» ، فجمع اليهودي أقرباءه ، ثم أخذ الرأس ، ووضعه في طست وصبّ عليه ماء الورد ، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر.
ثم قال لأولاده وأقربائه : هذا رأس ابن بنت محمد ، ثم قال : وا لهفاه! لم أجد جدّك محمدا فأسلم على يديه ، ثم وا لهفاه! لم أجدك حيا فأسلم على يديك واقاتل دونك ، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة؟ فأنطق الله الرأس ، فقال بلسان فصيح : «إن أسلمت فأنا لك شفيع». قالها ثلاث مرات ، وسكت ، فأسلم الرجل وأقرباؤه.
أقول : لعلّ هذا الرجل اليهودي كان راهب «قنسرين» ، لأنه أسلم بسبب رأس الحسين عليهالسلام ، وجاء ذكره في الأشعار ، وأورده الجوهري والجرجاني في مراثي الحسين كما سيرد عليك في موضعه إن شاء الله.
ومثل هذا يجوز إذا أخبر به النبي صلىاللهعليهوآله أنه سيكون بعدي كذا وكذا ، كما أخبر عن بقيلة بنت الشماء الأزدية صاحبة الحيرة ، وكما أخبر سفينة مولاه أنه يكلمه الأسد ، وكما أخبر عن تبليغ صوت عمر من المدينة إلى نهاوند حين افتتحوها ، وفي حربها صاح عمر : يا سارية الجبل الجبل في أخبار له عليهالسلام كثيرة.
٥٠ ـ وحدّثنا عين الأئمة أبو الحسن عليّ بن أحمد الكرباسي ـ إملاء ـ ، حدّثنا الشيخ الإمام أبو يعقوب يوسف بن محمد البلالي ، حدّثنا السيد