من المدينة إلى الكوفة سرت معه ، فنزل ماء من مياه بني سليم فأمر غلامه فاشترى شاة فذبحها ، فجاء صاحبها ، فلما رأى هيئة الحسين عليهالسلام في أصحابه رفع صوته ، وقال : أعوذ بالله وبك ، يا ابن رسول الله! هذا اشترى شاتي فذبحها ، ولم يدفع إليّ الثمن ، فغضب الحسين غضبا شديدا ، ودعا غلامه ، فسأله عن ذلك ، فقال : والله ، يا ابن رسول الله! أعطيته ثمنها ، وهذه البينة (١).
فسألهم الحسين فشهدوا أنه أعطاه ثمنها ، وقالت البينة أو بعضها : يا ابن رسول الله! إنه رأى هيئتك فانصاع (٢) إليك لتعوضه ، فأمر له الحسين بمعروف ، فقال علي بن الحسين : ما اسمك يا أعرابي؟ فقال : زيد ، فقال : «ما بالمدينة أكذب من رجل اسمه : زيد» ، وكان بالمدينة رجل اسمه زيد يبيع الخمر ، قال : فضحك الحسين حتى بدت نواجذه ، ثم قال : «مهلا ، يا بني! لا تعيره باسمه ، فإنّ أبي حدّثني : أنه سيكون منا رجل اسمه زيد يخرج فيقتل ، فلا يبقى في السماء ملك مقرب ؛ ولا نبيّ مرسل ، إلّا تلقى روحه ، ليرفعه أهل كل سماء إلى سماء ، حتى يبلغ ، فاذا قامت القيامة يبعث هو وأصحابه يتخللون رقاب النّاس ، ويقال : هؤلاء خلف الخلف ودعاة الحق.
٦٩ ـ قال أبو عوانة : كان سفيان الثوري إذا ذكر زيد بن علي ، يقول : إنه بذل مهجته لربه ، وقام بالحق لخالقه ، ولحق بالشهداء المرزوقين من آبائه.
٧٠ ـ وقال أبو عوانة أيضا : كان زيد بن علي يرى الحياة غراما (٣) ، وكان ضجرا بالحياة.
٧١ ـ وبهذا الإسناد ، إلى عبد العزيز بن إسحاق ، حدّثني علي بن
__________________
(١) يعني الشهود الحاضرين.
(٢) انصاع : جاء.
(٣) الغرام : الشرّ الدائم.