الرسول ، فذكرهم حقّ جدّه خاتم الأنبياء ، وحقّ أبيه سيد الأوصياء ، وحقّ امّه فاطمة الزهراء ، ليجودوا عليه بشربة من ماء ، فجادوا عليه بالسيوف والنبال ، فتقدّم عليهالسلام إلى القتال ، وصرع مرده الرجال ، وأقعص (١) بالحتوف الأبطال ، مرّة عن اليمين ومرّة عن الشمال ، حتّى صار أهل الضلال بأجمعهم إلبا عليه (٢) بالسيوف القواطع ، والأسل الطوال ، فرموه وطعنوه وضربوه حالا بعد حال ، وقاتل حتى أضعفته كثرة النصال ، ففاز بالشهادة ، وسلك إلى آخر مسلك السعادة ، فالسلام على الحسين ، المقتول يوم الاثنين :
لقد ذبحوا الحسين ابن البتول |
|
وقالوا نحن أشياع الرّسول |
بقطرة شربة بخلوا عليه |
|
وخاض كلابهم وسط السيول |
قصارى همهم ريح شمال |
|
وكاسات من الراح الشمول |
وإنّ موفقا (٣) إن لم يقاتل |
|
أمامك يا ابن فاطمة البتول |
فسوق يصوغ فيك محبرات |
|
تنقل في الحزون وفي السهول |
ثمّ جعل يزيد ينكت بالمخصرة والقضيب ثنايا الحسين النجيب ، تلك الثنايا التي كانت مقبل الحبيب ، فآه من رزية ما أوجعها! وآه من مصيبة ما أفجعها! شقّوا بألسنة الحياة ، حبات القلوب ، إذ لا قيمة للحبوب عند المحبوب ، وأقضوا حقّ النبي المختار ، بإرسال المدامع الغزار على اولئك الأبرار :
نعم باد كاري كربلاء ومن بها |
|
تفاقم كربي واستحم بلائي |
__________________
(١) أقعص : مات وحيا.
(٢) إلبا : اتفاقا.
(٣) يعني نفسه.