نفائس الطارف والتلاد.
وآل الرسول مشرّدون في البلاد ، منجحرون في كلّ شعب وواد ، ومنجحرون في كل سرب ومطمورة ومهواة بغير زاد ، مستشعرون الخوف مكتحلون بالسهاد ، قد ضربت عليهم الأرض بالأسداد ، بنات الظلمة في الخدور والقصور ، على سرر السرور ، لابسة حبر الحبور ، مسبلات الستور ، وبنات الرسول في حرّ الشمس والحرور ، ومهب الصبا والدبور ، ضاربات الصدور ، فاتقات للشعور ، على كسوف تلك الشموس والبدور ، وغروبها في مغارب القبور ، ومصيرها إلى بطون السباع وحواصل الطيور.
تمتعت اليزيدية والزيادية تمتعا قليلا ، وسيعذبون بذلك عذابا طويلا ، يورثهم ذلك العذاب رنة وأنة وعويلا إذا نسوا وراءهم يوما ثقيلا يوم لا ينفع فيه خليل خليلا ، ولا يغني عنهم فتيلا (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) الفرقان / ٤٤ ، وصبرت الحسينية أياما قلائل صبرا جميلا ، فنالوا بذلك في الجنّة ثوابا جزيلا ، وظلا ظليلا ، وفواكه ذلّلت قطوفها تذليلا ، ويسقون ـ لما منعوا من ماء الفرات ـ كأسا كان مزاجها زنجبيلا ، عينا فيها تسمى سلسبيلا.
نعم قد وجدوا بشهادتهم إلها رحيما ، برا كريما فأسدى إليهم نعيما مقيما ، وأهبّ عليهم من روائح المسك والكافور والعنبر نسيما ، وأفاض عليهم رواء وسيما ، وسقاهم عسلا مصفا تسنيما ، واولئك وجدوا الرسول عليهم متغيظا وخصما فاسكنوا جحيما ، وذاقوا بطعمهم زقوما ، وسقوا صديدا وحميما : (يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) الانسان / ٣١.