غذتك كفّ محمّد سيد المرسلين ، وربيت في حجور المتقين ، وأرضعت من ثدي الإيمان ، وفطمت حيا ، وطبت عيشا ، غير أنّ قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ، ولا شاكة في الخيرة لك ، فعليك سلام الله ورضوانه ، فأشهد أنك مضيت على ما مضى يحيى بن زكريا.
قال عطية : ثمّ جال ببصره حول القبر ، فقال : السلام عليكم أيتها الأرواح الطيبة التي بفناء الحسين أناخت برحله؟ أشهد أنكم قد أقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة ، وأمرتم بالمعروف ، ونهيتم عن المنكر ، وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين ، فو الذي بعث محمّداصلىاللهعليهوآله بالحق لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطيّة : فقلت لجابر بن عبد الله : فكيف ولم نهبط واديا ، ولم نعل جبلا ، ولم نضرب بسيف ، والقوم قد فرق بين رءوسهم وأبدانهم ، فاوتمت الأولاد ، وارملت الأزواج؟ فقال لي : يا عطية! سمعت جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : «من أحبّ قوما حشر معهم ، ومن أحبّ عمل قوم اشرك في عملهم».
أحدر بي نحو أبيات كوفان ، فلما صرنا في الطريق ، قال : يا عطية! هل اوصيك ، وما أظنني بعد هذه السفرة الاقيك؟ أحب محبّ آل محمّد ما أحبهم ، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم ، وإن كانوا صوّاما قوّاما.
٣ ـ وأخبرنا الشيخ الفقيه العدل الحافظ أبو بكر عبيد الله بن نصر الزاغوني ـ بمدينة السّلام منصرفي من السفرة الحجازية ـ ، أخبرنا الشيخ الجليل أبو الحسن محمد بن إسحاق بن الباقرحي ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن علي بن بندار ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر