الأحبار : أنّه لما أسلم زمن عمر بن الخطاب ، وقدم المدينة ، وجعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، فكان يخبرهم بأنواع الملاحم والفتن ، ويقول : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا ، وهي الفساد الذي ذكره الله تعالى في كتابكم ، فقال: (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) الروم / ٤١ ، وإنما فتح بقتل قابيل هابيل ، ويختم بقتل الحسين بن علي عليهالسلام.
ثم قال كعب : لعلكم تهونون قتل الحسين ، أو لا تعلمون أنّه تفتح يوم قتله أبواب السماوات كلّها؟ ويؤذن للسماء بالبكاء فتبكي دما عبيطا؟ فإذا رأيتم الحمرة قد ارتفعت من جنباتها ـ شرقيا وغربيا ـ فاعلموا أنها تبكي حسينا.
فقيل له : يا أبا إسحاق! كيف لم تفعل ذلك بالأنبياء وأولاد الأنبياء من قبل ، وبمن كان خيرا من الحسين؟ فقال كعب : ويحكم ، إنّ قتل الحسين لأمر عظيم ، لأنه ابن بنت خير الأنبياء ، وأنه يقتل علانية مبارزة ظلما وعدوانا ، ولا تحفظ فيه وصيّة رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، وهو مزاج مائه ، وبضعة من لحمه ، فيذبح بعرصة «كربلاء» في كرب وبلاء ، والذي نفس كعب بيده ؛ لتبكيه زمرة من الملائكة في السّماوات ، لا يقطعون بكاءهم عليه آخر الدهر ، وأن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع بعد بيت مكة والمدينة وبيت المقدس ، وما من نبي إلّا زارها ، وقد بكى عليها ، ولها في كل يوم زيارة من الملائكة بالتسليم ، فإذا كانت ليله جمعة أو يوم جمعة نزل إليها سبعون ألف يزورونه ويبكون عليه ويذكرون فضله ومنزلته عندهم ، وأنّه ليسمى في السماوات : الحسين المذبوح ، وفي الأرض : أبا عبد الله المقتول وفي البحار : الفرخ الأزهر المظلوم.