محمد صلىاللهعليهوآله فوجدنا كذابين ، وذلك أنّ الحسين كتبنا إليه وأتتنا رسله وسألنا النصر فبخلنا عليه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا : فلا نصرناه بأيدينا ؛ ولا دفعنا عنه بألسنتنا ؛ ولا قويناه بأموالنا ؛ ولا طلبنا له نصرة من عشائرنا ، فخبروني الآن ما عذرنا غدا عند الله؟ وما حجتنا عند أبيه محمد ، وقد قتل ولده وحبيبه وريحانته بين أظهرنا؟ لا والله ، ما لنا غير أن نخرج ونقتل من قتله أو شرك بدمه أو أعان على قتله فعسى الله أن يرضى عنا بذلك.
ثم تكلم سليمان بن صرد وكان شيخ القوم ، فقال : أما إنه دهر ملعون ، قد عظمت فيه الرزية وشمل فيه الخوف والمصيبة ، وذلك إنا كنا نمد أعيننا إلى قدوم أهل البيت ، ونمنيهم النصرة ونحثهم على المصير إلينا ، فلما قدموا علينا عجزنا وونينا ، وتربصنا حتى قتل في جنبنا ابن نبينا وسلالته وسبطه وعصارته ، وبضعة من لحمه ودمه ، وهو في ذلك يستصرخ فلا يصرخ ، ويدعو فلا يجاب ، ويستغيث فلا يغاث ، ويسأل النصفة فلا يعطى ، اتخذه الفاسقون غرضا لسهامهم ؛ ودرية لرماحهم ، حتى قتلوه ثم سلبوه وانتهكوا حرمته بعد أن قتلوا ولده وأهل بيته وشيعته ، ألا فانهضوا واتقوا الله تعالى فقد سخط عليكم ، ولا ترجعوا للحلائل والأبناء حتى يرضى عنكم ، ولا أظنه يرضى دون أن تناجزوا من قتله ، وشرك في دمه أو خذله فلا تهابوا الموت ، فو الله ، ما هابه أحد إلّا ذل ، فانهضوا وكونوا كبواقي بني إسرائيل ، إذ قيل لهم : اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ألا فاشحذوا الصفاح ، وركّبوا أسنة الرماح ، وجدوا في الكفاح ، وأعدوا ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، ولا تهنوا عن لقاء الفاسقين ، فأجابه الناس إلى ذلك ، ثم إنهم قلّدوا امورهم سليمان بن صرد ، وعزموا على الخروج ، وكتبوا إلى شيعة البصرة وشيعة المدائن ، وسألوهم المعاونة على