بلية ، فابعث إليه الساعة وخلده في السجن ، فإنك لا تدري ما يكون منه ، فأرسل الأمير إلى إبراهيم بن محمد بن طلحة أن يهجم على المختار فيأخذه ، فهجم عليه في داره فقال : ما الذي يبلغنا عنك يا مختار؟ فقال المختار : كل ما بلغكم عني فهو باطل.
وأقبل عمر بن سعد على فرس له وقد أخرج المختار من منزله ملببا ، فقال : أوثقوه بالحديد وخلدوه في السجن إلى أن يستقيم أمر الناس ، وإذا رسول الأمير أقبل إلى إبراهيم بن محمد ، فقال : يقول الأمير : شد المختار كتافا وامض به إلى السجن حافيا ، فقال إبراهيم للرسول : يا هذا! ولم يفعل بالمختار هذا الفعال؟ لا والله ، ما هذا جزاؤه من أمير المؤمنين ابن الزبير ، وقد أبلى بين يديه البلاء الحسن ، وقاتل القتال الشديد ، فلما ذا يفعل به هذا؟ وإنما أخذناه على الظن والتهمة ، ثم أمر به إبراهيم إلى السجن فحبس ، ومشى قوم من وجوه الكوفة ، وقالوا للأمير : إنّ المختار من شيعة آل محمد ، وأنت عارف به قديما وحديثا ، وإنما قدم علينا لأنه رأى من أمير المؤمنين جفوة فأحب أن يكون في ناحيتنا ، ولم يظهر لنا ولا لك عداوة ، فإن رأى الأمير أن يشفّعنا فيه ، فعل منعما ، فأبى الأمير أن يشفعهم فيه فانصرفوا مغضبين ، ثم قال المختار في السجن : أما ورب البحار ، والنخل والأشجار ، والمهامة والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلن كل جبار ، بكل لدن خطّار ، ومهنّد بتار ، حتى إذا أقمت عمود الدين ، وشفيت غليل الصديقين من أولاد القاسطين ، وبقية المارقين ، وأدركت ثأر أولاد النبيين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى إذ كان المصير إلى الجزاء ، ثمّ كتب إلى عبد الله بن عمر كتابا :
أما بعد فإني حبست مظلوما ، وظن بي الولاة ظنونا كاذبة ، فاكتب