قريبا من معسكر إبراهيم ، وإبراهيم يومئذ في نحو عشرين ألفا ، وكان في عسكر ابن زياد رجل من الأشراف من بني سليم وهو عمير بن الحباب السلمي ، فأرسل إلى إبراهيم : إني قد عزمت على المصير إليك والكينونة معك ، فإن أعطيتني الأمان وافيتك الآن ، فأرسل إليه إبراهيم : إنه قد أعطيتك الأمان ولك عندي الكرامة ما رزقني الله السلامة ، فهلمّ إلينا آمنا مطمئنا ، فخرج عمير في جوف الليل في ألف رجل من قومه ومواليه حتى صار إلى إبراهيم ، فأكرمه وبرّه وبرّ أصحابه وفرّق عليهم مالا.
فبلغ ذلك ابن زياد فأقلقه وقال : يخرج رجل من عسكري في ألف فارس لا يعلم به أحد ، إنّ هذا الأمر يتبع ، ثم إن إبراهيم قال لعمير : إني رأيت أن اخندق على عسكري خندقا ، فما الذي ترى؟ فقال له عمير : إنّ القوم يحبون أن يطاولوك ، فإن خندقت كان خيرا لهم في المطاولة ، وإن ناجزتهم كان خيرا لك ، فقد ملئوا منك رعبا فصادمهم بخيلك ورجالك ، فإنك على حقّ ، فالله ناصرك وهم على باطل ، فهو تعالى خاذلهم ، ومظهرك عليهم.
فقال إبراهيم : قد اختبرتك وعلمت أنك ناصح ، فهذا ما أشار به الأمير ، وعزم عليه الضمير ، وقال عبيد الله بن زياد لأصحابه : إني لا عجب من هذا الغلام يعني إبراهيم ومسيره إليّ بهذا الجيش ، وعهدي به بالأمس في الكوفة يلعب بالحمام ، ولعلّ أجله قد اقترب ، وبات كل من الفريقين ساهرين ، لما يدبرونه غدا ، ولا سيما جيش أهل العراق فإنهم علموا أن أميرهم إبراهيم يناجز أهل الشام ، فلما كان وقت السحر صلّى إبراهيم في أصحابه بغلس ، وعبّأ أصحابه ، فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد بن معقل الأزدي ؛ وعلى ميسرته علي بن مالك الجشمي ؛ وعلى أعنّة الخيل الطفيل بن