.........................................
____________________________________
والبكاء والبثّ والشكوى ، فكان ممّا به الله ناجاه أن قال : «إلهي اُفكّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي ، ثمّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم علىّ بليّتي» ثمّ قال : «آه إن أنا قرأت في الصحف سيّئة أنا ناسيها وأنت محصيها ، فتقول : خذوه ، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته ، يرحمه الملأ إذا اُذن فيه بالنداء» ثمّ قال : «آه من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزّاعة للشوى ، آه من غمرة من ملهبات لظى».
قال : ثمّ أنعم في البكاء فلم أسمع له حسّاً ولا حركة ، فقلت : غلب عليه النوم لطول السهر ، اُوقظه لصلاة الفجر.
قال أبو الدرداء : فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة ، فحرّكته فلم يتحرّك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : «إنّا لله وإنّا إليه راجعون» مات والله علي بن أبي طالب.
قال : فأتيت منزلة مبادراً أنعاه إليهم.
فقالت فاطمة عليها السلام : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ومن قصّته؟ فأخبرتها الخبر.
فقالت : هي والله يا ابا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله.
ثمّ أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ، ونظر إليّ وأنا أبكي ، فقال : ممّا بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت : ممّا أراه تنزله بنفسك.
فقال : «يا أبا الدرداء [فكيف] ولو رأيتني ودعي بي إلى الحساب وأيقن اهل الجرائم بالعذاب. واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ ، فوقفت بين يدي الملك الجبّار ، قد أسلمني الأحبّاء ورحمني أهل الدنيا ، لكنت أشدّ رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية».