.........................................
____________________________________
روي أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال لجبرائيل لمّا نزلت هذه الآية : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟
قال : نعم ، إنّي كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لمّا أثنى الله عليّ بقوله : (ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (١) ـ (٢).
ولقد كان صلى الله عليه وآله رحمة للدين والدنيا كليهما.
أمّا في الدين فلأنّه بُعث سراجاً للخلق ، وهادياً إلى الحقّ ، ومبيّناً للأحكام ومميّزاً للحلال عن الحرام ، بُعث والناس في جاهلية وضلالة ، وأهل الكتاب في جهل وحيرة للتحريفات التي وقعت عندهم ، والاختلافات التي حدثت بين علماءهم.
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (٣).
وأمّا في الدنيا فلأنّه بعث بركة على العباد والبلاد ، وتخلّصوا بسببه من مذلاّت الجاهلية وحروبها ، وأنجاس تلك العصور وخبائثها
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٤).
فببركة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله طابت مآكلهم وحسنت معيشتهم ، بعد أن كان من أفضل مآكلهم العِلهز ، وهو الوبر المخلوط والمطبوخ بالدم.
__________________
(١) سورة التكوير : الآية ٢٠.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ص ٦٧.
(٣) سورة آل عمران : الآية ١٦٤.
(٤) سورة الأعراف : الآية ١٥٧.