.........................................
____________________________________
الفصحاء البلغاء النجباء الأتقياء الصفياء ، ولرأيت رجالاً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، حتّى إذا استعرت نار الوغى قذفوا بأنفسهم في تلك الشعل ، لا بسين القلوب على مدارعهم ، قائمين ليلهم صائمين نهارهم ، لا تأخذهم في الله ولا في وليّ الله علي لومة لائم ، فإذا أنت يا معاوية رأيتهم على هذه الحال غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجّته.
فقال عمرو بن العاص لمعاوية سرّاً : هذا رجل أعرابي بدوي لو أرضيته بالمال لتكلّم فيك بخير.
فقال معاوية : يا أعرابي ما تقول في الجائزة أتأخذها منّي أم لا؟
قال : بل آخذها فو الله أنا اُريد استقباض روحك من جسدك ، فكيف باستقباض مالك من خزانتك.
فأمر له بعشرة آلاف درهم ثمّ قال : أتحبّ أن أزيدك؟
قال : زد فإنّك لا تعطيه من مال أبيك ، وإنّ الله تعالى وليّ من يزيد.
قال : أعطوه عشرين ألفاً.
قال الطرماح : اجعلها وتراً فإنّ الله تعالى هو الوتر ويحبّ الوتر.
قال : أعطوه ثلاثين ألفاً فمدّ الطرماح بصره إلى إيراده فأبطأ عليه ساعة فقال : يا ملك تستهزئ بي على فراشك؟
فقال : لماذا يا أعرابي؟
قال : إنّك أمرت لي بجائزة لا أراها ولا تراها ، فإنّها بمنزلة الريح التي تهبّ من قلل الجبال!!! فأحضر المال ووضع بين يدي الطرماح فلمّا قبض المال سكت ولم يتكلّم بشيء.
فقال عمرو بن العاص : يا أعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين؟