(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩) وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)(٦٠)
____________________________________
(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) بما أمروا به من التوبة والاستغفار بأن أعرضوا عنه وأوردوا مكانه (قَوْلاً) آخر مما لا خير فيه روى أنهم قالوا مكان حطة حنطة وقيل قالوا بالنبطية حطا سمقاثا يعنون حنطة حمراء استخفافا بأمر الله عزوجل (غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) نعت لقولا وإنما صرح به مع استحالة تحقق التبديل بلا مغايرة تحقيقا لمخالفتهم وتنصيصا على المغايرة من كل وجه (فَأَنْزَلْنا) أى عقيب ذلك (عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) بما ذكر من التبديل وإنما وضع الموصول موضع الضمير العائد إلى الموصول الأول للتعليل والمبالغة فى الذم والتقريع وللتصريح بأنهم بما فعلوا قد ظلموا أنفسهم بتعريضها لسخط الله تعالى (رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) أى عذابا مقدرا منها والتنوين للتهويل والتفخيم (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) بسبب فسقهم المستمر حسبما يفيده الجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل وتعليل إنزال الرجز به بعد الإشعار بتعليله بظلمهم للإيذان بأن ذلك فسق وخروج عن الطاعة وغلو فى الظلم وأن تعذيبهم بجميع ما ارتكبوه من القبائح لا بعدم توبتهم فقط كما يشعر به ترتيبه على ذلك بالفاء والرجز فى الأصل ما يعاف عنه وكذلك الرجس وقرىء بالضم وهو لغة فيه والمراد به الطاعون روى أنه مات به فى ساعة واحدة أربعة وعشرون ألفا (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) تذكير لنعمة أخرى كفروها وكان ذلك فى التيه حين استولى عليهم العطش الشديد وتغيير الترتيب لما أشير إليه مرارا من قصد إبراز كل من الأمور المعدودة فى معرض أمر مستقل واجب التذكير والتذكر ولو روعى الترتيب الوقوعى لفهم أن الكل أمر واحد أمر بذكره واللام متعلقة بالفعل أى استسقى لأجل قومه (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) روى أنه كان حجرا طوريا مكعبا حمله معه وكان ينبع من كل وجه منه ثلاث أعين يسيل كل عين فى جدول إلى سبط وكانوا ستمائة ألف وسعة المعسكر اثنى عشر ميلا أو كان حجرا أهبطه الله تعالى مع آدم عليهالسلام من الجنة ووقع إلى شعيب عليهالسلام فأعطاه موسى عليهالسلام مع العصا أو كان هو الحجر الذى فر بثوبه حين وضعه عليه ليغتسل وبرأه الله تعالى به عما رموه به من الأدرة فأشار إليه جبريل عليهالسلام أن يحمله أو كان حجرا من الحجارة وهو الأظهر فى الحجة قيل لم يؤمر عليهالسلام بضرب حجر بعينه ولكن لما قالوا كيف بنا لو أفضينا إلى أرض لا حجارة بها حمل حجرا فى مخلاته وكان يضربه بعصاه إذا نزل فيتفجر ويضربه إذا ارتحل فييبس فقالوا إن فقد موسى عصاه متنا عطشا فأوحى الله تعالى إليه أن لا تقرع الحجر وكلمه يطعك لعلهم يعتبرون وقيل كان الحجر من رخام حجمه ذراع فى ذراع والعصا عشرة أذرع على طوله عليهالسلام