(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)(١١٣)
____________________________________
عند مالكه ومدبر أموره ومبلغه إلى كماله والجملة جواب من إن كانت شرطية وخبرها إن كانت موصولة والفاء لتضمنها معنى الشرط فيكون الرد بقوله تعالى (بَلى) وحده ويجوز أن يكون من فاعلا لفعل مقدر أى بلى يدخلها من أسلم وقوله تعالى (فَلَهُ أَجْرُهُ) معطوف على ذلك المقدر وأياما كان فتعليق ثبوت الأجر بما ذكر من الإسلام والإحسان المختصين بأهل الإيمان قاض بأن أولئك المدعين من دخول الجنة بمعزل ومن الاختصاص به بألف معزل (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فى الدارين من لحوق مكروه (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) من فوات مطلوب أى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا أنه يعتريهم لكنهم لا يخافون ولا يحزنون والجمع فى الضمائر التلاثة باعتبار معنى من كما أن الإفراد فى الضمائر الأول باعتبار اللفظ (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) بيان لتضليل كل فريق صاحبه بخصوصه إثر بيان تضليله كل من عداه على وجه العموم. نزلت لما قدم وفد نجران على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأتاهم أحبار اليهود فتناظروا فارتفعت أصواتهم فقالوا لهم لستم على شىء أى أمر يعتد به من الدين أو على شىء ما منه أصلا مبالغة فى ذلك كما قالوا أقل من لا شىء وكفروا بعيسى والإنجيل (وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) على الوجه المذكور وكفروا بموسى والتوراة لا أنهم قالوا ذلك بناء للأمر على منسوخية التوراة (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) الواو للحال واللام للجنس أى قالوا ما قالوا والحال إن كل فريق منهم من أهل العلم والكتاب أى كان حق كل منهم أن يعترف بحقية دين صاحبه حسبما ينطق به كتابه فإن كتب الله تعالى متصادقة (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الذى سمعت به والكاف فى محل النصب إما على أنها نعت لمصدر محذوف قدم على عامله لإفادة القصر أى قولا مثل ذلك القول بعينه لا قولا مغايرا له (قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) من عبدة الأصنام والمعطلة ونحوهم من الجهلة أى قالوا لأهل كل دين ليسوا على شىء وإما على أنها حال من المصدر المضمر المعرف الدال عليه قال أى قال القول الذين لا يعلمون حال كونه مثل ذلك القول الذى سمعت به (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) إما بدل من محل الكاف وإما مفعول للفعل المنفى قبله أى مثل ذلك القول قال الجاهلون بمثل مقالة اليهود والنصارى وهذا توبيخ عظيم لهم حيث نظموا أنفسهم مع علمهم فى سلك من لا يعلم أصلا (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أى بين اليهود والنصارى فإن مساق النظم لبيان حالهم وإنما التعرض لمقالة غيرهم لإظهار كمال بطلان مقالهم ولأن المحاجة المحوجة إلى الحكم إنما وقعت بينهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) متعلق بيحكم وكذا ما قبله وما بعده ولا ضير فيه لاختلاف المعنى (فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) بما يقسم لكل فريق ما يليق به من العقاب وقيل حكمه بينهم أن يكذبهم ويدخلهم النار والظرف الأخير متعلق بيختلفون قدم عليه للمحافظة على رءوس الآى لا بكانوا