(وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣) وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(١٢٤)
____________________________________
يكون بشكرها وشكرها الإيمان بجميع ما فيها ومن جملته نعت النبى صلىاللهعليهوسلم ومن ضرورة الإيمان بها الإيمان به عليه الصلاة والسلام (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) أفردت هذه النعمة بالذكر مع كونها مندرجة تحت النعمة السالفة لإنافتها فيما بين فنون النعم (وَاتَّقُوا) إن لم تؤمنوا (يَوْماً لا تَجْزِي) فى ذلك اليوم (نَفْسٌ) من النفوس (عَنْ نَفْسٍ) أخرى (شَيْئاً) من الأشياء أو شيئا من الجزاء (وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) أى فدية (وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) وتخصيصهم بتكرير التذكير وإعادة التحذير للمبالغة فى النصح وللإيذان بأن ذلك فذلكة القضية والمقصود من القصة لما أن نعم الله عزوجل عليهم أعظم وكفرهم بها أشد وأقبح (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) شروع فى تحقيق أن هدى الله هو ما عليه النبى صلىاللهعليهوسلم من التوحيد والإسلام الذى هو ملة إبراهيم عليهالسلام وأن ما عليه أهل الكتابين أهواء زائغة وأن ما يدعونه من أنهم على ملته عليه الصلاة والسلام فرية بلا مرية ببيان ما صدر عن إبراهيم وأبنائه الأنبياء عليهمالسلام من الأقاويل والأفاعيل الناطقة بحقية التوحيد والإسلام وبطلان الشرك وبصحة نبوة النبى صلىاللهعليهوسلم وبكونه ذلك النبى الذى استدعاه إبراهيم وإسمعيل عليهما الصلاة والسلام بقولهما ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية فإذ منصوب على المفعولية بمضمر مقدم خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم بطريق التلوين أى واذكر لهم وقت ابتلائه عليهالسلام ليتذكروا بما وقع فيه من الأمور الداعية إلى التوحيد الوازعة عن الشرك فيقبلوا الحق ويتركوا ما هم فيه من الباطل وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع أنها المقصودة بالذات قد مر وجهه فى أثناء تفسير قوله عزوجل (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وقيل على الظرفية بمضمر مؤخر أى وإذ ابتلاه كان كيت وكيت وقيل بما سيجىء من قوله تعالى (قالَ) الخ والأول هو اللائق بجزالة التنزيل ولا يبعد أن ينتصب بمضمر معطوف على اذكروا خوطب به بنو إسرائيل ليتأملوا فيما يحكى عمن ينتمون إلى ملته من إبراهيم وأبنائه عليهمالسلام من الأفعال والأقوال فيقتدوا بهم ويسيروا سيرتهم والابتلاء فى الأصل الاختبار أى تطلب الخبرة بحال المختبر بتعريضه لأمر يشق عليه غالبا فعله أو تركه وذلك إنما يتصور حقيقة ممن لا وقوف له على عواقب الأمور وأما من العليم الخبير فلا يكون إلا مجازا من تمكينه للعبد من اختيار أحد الأمرين قبل أن يرتب عليه شيئا هو من مباديه العادية كمن يختبر عبده ليتعرف حاله من الكياسة فيأمره بما يليق بحاله من مصالحه وإبراهيم اسم أعجمى قال السهيلى كثيرا ما يقع الاتفاق أو التقارب بين