وكان موضعه خاليا إلى زمن إبراهيم عليهالسلام فأمره سبحانه ببنائه وعرفه جبريل عليهالسلام بمكانه وقيل بعث الله السكينة لتدله عليه فتبعها إبراهيم عليهالسلام حتى أتيامكة المعظمة وقيل بعث الله تعالى سحابة على قدر البيت وسار إبراهيم فى ظلها إلى أن وافت مكة المعظمة فوقفت فى موضع البيت فنودى أن ابن على ظلها ولا تزد ولا تنقص وقيل بناه من خمسة أجبل طور سيناء وطور زيتا ولبنان والجودى وأسسه من حراء وجاء جبريل عليهالسلام بالحجر الأسود من السماء وقيل تمخض أبو قبيس فانشق عنه وقد خبىء فيه فى أيام الطوفان وكان ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة فلما لمسته الحيض فى الجاهلية اسود وقال الفاسى فى مثير الغرام فى تاريخ البلد الحرام والذى يتحصل من جملة ما قيل فى عدد بناء الكعبة أنها بنيت عشر مرات منها بناء الملائكة عليهمالسلام ذكره النووى فى تهذيب الأسماء واللغات والأزرقى فى تاريخه وذكر أنه كان قبل خلق آدم عليهالسلام ومنها بناء آدم عليهالسلام ذكره البيهقى فى دلائل النبوة وروى فيه عن عبد الله بن عمر وبن العاص أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال بعث الله عزوجل جبريل إلى آدم عليهماالسلام فقال له ولحواء ابنيالى بيتا فخط جبريل وجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى إذا أصاب الماء نودى من تحته حسبك آدم فلما بنياه أوحى إليه أن يطوف به فقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت وهكذا ذكره الأزرقى فى تاريخه وعبد الرزاق فى مصنفه ومنها بناء بنى آدم عند ما رفعت الخيمة التى عزى الله تعالى بها آدم عليهالسلام وكانت ضربت فى موضع البيت فبنى بنوه مكانها بيتا من الطين والحجارة فلم يزل معمورا يعمرونه هم ومن بعدهم إلى أن مسه الغرق فى عهد نوح عليهالسلام ذكره الأزرقى بسنده إلى وهب بن منبه ومنها بناء الخليل عليهالسلام وهو منصوص عليه فى القرآن مشهور فى ما بين قاص ودان ومنها بناء العمالقة ومنها بناء جرهم ذكرهما الأزرقى بسنده إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه ومنها بناء قصى بن كلاب ذكره الزبير بن بكار فى كتاب النسب ومنها بناء قريش وهو مشهور ومنها بناء عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما ومنها بناء الحجاج بن يوسف وما كان ذلك بناء لكلها بل لجدار من جدرانها وقال الحافظ السهيلى أن بناءها لم يكن فى الدهر إلا خمس مرات الأولى حين بناها شيث عليهالسلام انتهى والله سبحانه أعلم (وَإِسْماعِيلُ) عطف على إبراهيم ولعل تأخيره عن المفعول للإيذان بأن الأصل فى الرفع هو إبراهيم وإسمعيل تبع له قيل إنه كان يناوله الحجارة وهو يبنيها وقيل كانا يبنيانه من طرفين (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) على إرادة القول أى يقولان وقد قرىء به على أنه حال منهما عليهماالسلام وقيل على أنه هو العامل فى إذ والجملة معطوفة على ما قبلها والتقدير ويقولان ربنا تقبل منا إذ يرفعان أى وقت رفعهما وقيل وإسمعيل مبتدأ خبره قول محذوف وهو العامل فى ربنا تقبل منا فيكون إبراهيم هو الرافع وإسمعيل هو الداعى والجملة فى محل النصب على الحالية أى وإذ يرفع إبراهيم القواعد والحال أن إسمعيل يقول ربنا تقبل منا والتعرض لوصف الربوبية المنبئة عن إفاضة ما فيه صلاح المربوب مع الإضافة إلى ضميرهما عليهماالسلام لتحريك سلسلة الإجابة وترك مفعول تقبل مع ذكره فى قوله تعالى (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) ليعم الدعاء وغيره من القرب والطاعات التى من جملتها ما هما بصدده من البناء كما يعرب عنه جعل الجملة الدعائية حالية (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) لجميع المسموعات التى من جملتها دعاؤنا (الْعَلِيمُ) بكل