(أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(١٣٣)
____________________________________
وكوزا وأوشير وبنيامين ويوسف عليهالسلام (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) دين الإسلام الذى هو صفوة الأديان ولا دين غيره عنده تعالى (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ظاهره النهى عن الموت على خلاف حال الإسلام والمقصود الأمر بالثبات على الإسلام إلى حين الموت أى فاثبتوا عليه ولا تفارقوه أبدا كقولك لا تصل إلا وأنت خاشع وتغيير العبارة للدلالة على أن موتهم لا على الإسلام موت لا خير فيه وأن حقه أن لا يحل بهم وأنه يجب أن يحذروه غاية الحذر ونظيره مت وأنت شهيد روى أن اليهود قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ألست تعلم أن يعقوب أوصى باليهودية يوم مات فنزلت (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) أم منقطعة مقدرة ببل والهمزة والخطاب لأهل الكتاب الراغبين عن ملة إبراهيم وشهداء جمع شهيد أو شاهد بمعنى الحاضر وإذ ظرف لشهداء والمراد بحضور الموت حضور أسبابه وتقديم يعقوب عليهالسلام للاهتمام به إذ المراد بيان كيفية وصيته لبنيه بعد ما بين ذلك إجمالا ومعنى بل الإضراب والانتقال عن توبيخهم على رغبتهم عن ملة إبراهيم عليهالسلام إلى توبيخهم على افترائهم على يعقوب عليهالسلام باليهودية حسبما حكى عنهم وأما تعميم الافتراء ههنا لسائر الأنبياء عليهمالسلام كما قيل فيأباه تخصيص يعقوب بالذكر وما سيأتى من قوله عزوجل (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ) الخ ومعنى الهمزة إنكار وقوع الشهود عند احتضاره عليهالسلام وقوله (لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) أى أى شىء تعبدونه بعد موتى فمن أين لكم أن تدعوا عليه عليهالسلام ما تدعون رجما بالغيب وعند هذا تم التوبيخ والإنكار والتبكيت ثم بين أن الأمر قد جرى حينئذ على خلاف ما زعموا وأنه عليهالسلام أراد بسؤاله ذلك تقرير بنيه على التوحيد والإسلام وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما إذ به يتم وصيته بقوله فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون وما يسأل به عن كل شىء ما لم يعرف فإذا عرف خص العقلاء بمن إذا سئل عن شىء بعينه وإن سئل عن وصفه قيل ما زيد أفقيه أم طبيب فقوله تعالى (قالُوا) استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ عن حكاية سؤال يعقوب عليهالسلام كأنه قيل فماذا قالوا عند ذلك فقيل قالوا (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) حسبما كان مراد أبيهم بالسؤال أى نعبد الإله المتفق على وجوده وإلهيته ووجوب عبادته وعد إسمعيل من آبائه تغليبا للأب والجد لقوله عليه الصلاة والسلام عم الرجل صنو أبيه وقوله عليهالسلام فى العباس هذا بقية آبائى وقرىء أبيك على أنه جمع بالواو والنون كما فى قوله[فلما تبين أصواتنا بكين وفديننا بالأبينا] وقد سقطت النون بالإضافة أو مفرد وإبراهيم عطف بيان له وإسمعيل وإسحق معطوفان على أبيك (إِلهاً واحِداً) بدل من إله آبائك كقوله تعالى (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) وفائدته التصريح بالتوحيد ودفع التوهم الناشىء من تكرير المضاف لتعذر العطف على المجرور أو نصب