(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ)(٢٠٤)
____________________________________
من جنس ما كسبوا أو من أجله كقوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا) أو مما دعوا به نعطيهم منه ما قدرناه وتسمية الدعاء كسبا لما أنه من الأعمال (وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم فى مقدار لمحة فاحذروا من الإخلال بطاعة من هذا شأن قدرته أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب الناس فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات (وَاذْكُرُوا اللهَ) أى كبروه فى أعقاب الصلوات وعند ذبح القرابين ورمى الجمار وغيرها (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) هى أيام التشريق (فَمَنْ تَعَجَّلَ) أى استعجل فى النفر أو النفر فإن التفعل والاستفعال يجيئان لازمين ومتعديين يقال تعجل فى الأمر واستعجل فيه وتعجله واستعجله والأول أوفق للتأخر كما فى قوله[قد يدرك المتأنى بعض حاجته وقد يكون من المستعجل الزلل (فِي يَوْمَيْنِ) أى فى تمام يومين بعد يوم النحر هو يوم القر ويوم الرءوس واليوم بعده ينفر إذا فرغ من رمى الجمار (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بتعجله (وَمَنْ تَأَخَّرَ) فى النفر حتى رمى فى اليوم الثالث قبل الزوال أو بعده وعند الشافعى بعده فقط (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بما صنع من التأخر والمراد التخيير بين التعجل والتأخر ولا يقدح فيه أفضلية الثانى وإنما ورد بنفى الإثم تصريحا بالرد على أهل الجاهلية حيث كانوا مختلفين فمن مؤثم للمتعجل ومؤثم للمتأخر (لِمَنِ اتَّقى) خبر لمبتدأ محذوف أى الذى ذكر من التخيير ونفى الإثم عن المتعجل والمتأخر أو من الأحكام لمن اتقى لأنه الحاج على الحقيقة والمنتفع به أو لأجله حتى لا يتضرر بترك ما يهمه منهما (وَاتَّقُوا اللهَ) فى مجامع أموركم بفعل الواجبات وترك المحظورات ليعبأبكم وتنظموا فى سلك المغتنمين بالأحكام المذكورة والرخص أو احذروا الإخلال بما ذكر من الأحكام وهو الأنسب بقوله عزوجل (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أى للجزاء على أعمالكم بعد الإحياء والبعث وأصل الحشر الجمع وضم المتفرق وهو تأكيد للأمر بالتقوى وموجب للامتثال به فإن من علم بالحشر والمحاسبة والجزاء كان ذلك من أقوى الدواعى إلى ملازمة التقوى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ) تجريد للخطاب وتوجيه له إليه عليه الصلاة والسلام وهو كلام مبتدأ سيق لبيان تحزب الناس فى شأن التقوى إلى حزبين وتعيين مآل كل منهما ومن موصولة أو موصوفه وإعرابه كما بين فى قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) أى ومنهم من يروقك كلامه ويعظم موقعه فى نفسك لما تشاهد فيه من ملاءمة الفحوى ولطف الأداء والتعجب حيرة تعرض للإنسان بسبب عدم الشعور بسبب ما يتعجب منه (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) متعلق بقوله أى ما يقوله فى حق الحياة الدنيا ومعناها فإنها الذى يريده بما يدعيه من الإيمان ومحبة الرسول صلىاللهعليهوسلم وفيه إشارة إلى أن له قولا آخر ليس بهذه الصفة أو بيعجبك أى يعجبك قوله فى الدنيا بحلاوته