(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَها لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)(٢٣٣)
____________________________________
(مِنْكُمْ) إما متعلق بكان عند من يجوز عملها فى الظروف وشبهها وإما بمحذوف وقع حالا من فاعل يؤمن أى كائنا منكم (ذلِكُمْ) أى الاتعاظ به والعمل بمقتضاه (أَزْكى لَكُمْ) أى أنمى وأنفع (وَأَطْهَرُ) من أدناس الآثام وأوضار الذنوب (وَاللهُ يَعْلَمُ) ما فيه من الزكاء والطهر (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ذلك أو والله يعلم ما فيه صلاح أموركم من الأحكام والشرائع التى من جملتها ما بينه ههنا وأنتم لا تعلمونها فدعوا رأيكم وامتثلوا أمره تعالى ونهيه فى كل ما تأتون وما تذرون (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ) شروع فى بيان الأحكام المتعلقة بأولادهن خصوصا واشتراكا وهو أمر أخرج مخرج الخبر مبالغة فى الحمل على تحقيق مضمونه ومعناه الندب أو الوجوب إن خص بمادة عدم قبول الصبى ثدى الغير أو فقدان الظئر أو عجز الوالد عن الاستئجار والتعبير عنهن بالعنوان المذكور لهز عطفهن نحو أولادهن والحكم عام للمطلقات وغيرهن وقيل خاص بهن إذ الكلام فيهن (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) التأكيد بصفة الكمال لبيان أن التقدير تحقيقى لا تقريبى مبنى على المسامحة المعتادة (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) بيان لمن يتوجه إليه الحكم أى ذلك لمن أراد إتمام الرضاعة وفيه دلالة على جواز النقص وقيل اللام متعلقة بيرضعن فإن الأب يجب عليه الإرضاع كالنفقة والأم ترضع له كما يقال أرضعت فلانة لفلان ولده (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ) أى الوالد فإن الولد يولد له وينسب إليه وتغيير العبارة للإشارة إلى المعنى المقتضى لوجوب الإرضاع ومؤنة المرضعة عليه (رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ) أجرة لهن واختلف فى استئجار الأم وهو غير جائز عندنا ما دامت فى النكاح أو العدة جائز عند الشافعى رحمهالله (بِالْمَعْرُوفِ) حسبما يراه الحاكم ويفى به وسعه (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) تعليل لإيجاب المؤن بالمعروف أو تفسير للمعروف وهو نص على أنه تعالى لا يكلف العبد ما لا يطيقه وذلك لا ينافى إمكانه (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) تفصيل لما قبله وتقرير له أى لا يكلف كل واحد منهما الآخر ما لا يطيقه ولا يضاره بسبب ولده وقرىء لا تضار بالرفع بدلا من لا تكلف وأصله على القراءتين لا تضارر بالكسر على البناء للفاعل وبالفتح على البناء للمفعول وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون بمعنى تضر والباء من صلته أى لا يضر الوالدان بالولد فيفرط فى تعهده ويقصر فيما ينبغى له وقرىء لا تضار بالسكون مع التشديد على نية الوقف وبه مع التخفيف على أنه من ضاره يضيره وإضافة الولد إلى كل منهما لاستعطافهما إليه وللتنبيه على أنه جدير بأن يتفقا على استصلاحه ولا ينبغى أن يضرا به أو يتضارا بسببه (وَعَلَى الْوارِثِ