(لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(٢٧٢)
____________________________________
يفعل ذلك عند الناس (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) أى فالإخفاء خير لكم من الإبداء وهذا فى التطوع ومن لم يعرف بالمال وأما فى الواجب فالأمر بالعكس لدفع التهمة. عن ابن عباس رضى الله عنهما صدقة السر فى التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) أى والله يكفر أو الإخفاء ومن تبعيضية أى شيئا من سيئاتكم كما سترتموها وقيل مزيدة على رأى الأخفش وقرىء بالتاء مرفوعا ومجزوما على أن الفعل للصدقات وقرىء بالنون مرفوعا عطفا على محل ما بعد الفاء أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أى ونحن نكفر أو على أنها جملة مبتدأة من فعل وفاعل وقرىء مجزوما عطفا على محل الفاء وما بعده لأنه جواب الشرط (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الإسرار والإعلان (خَبِيرٌ) فهو ترغيب فى الإسرار (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ) أى لا يجب عليك أن تجعلهم مهد بين إلى الإتيان بما أمروا به من المحاسن والانتهاء عما نهوا عنه من القبائح المعدودة وإنما الواجب عليك الإرشاد إلى الخير والحث عليه والنهى عن الشر والردع عنه بما أوحى إليك من الآيات والذكر الحكيم (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي) هداية خاصة موصلة إلى المطلوب حتما (مَنْ يَشاءُ) هدايته إلى ذلك ممن يتذكر بما ذكر ويتبع الحق ويختار الخير والجملة معترضة جىء بها على تلوين الخطاب وتوجيهه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع الالتفات إلى الغيبة فيما بين الخطابات المتعلقة بالمكلفين مبالغة فى حملهم على الامتثال فإن الإخبار بعدم وجوب تدارك أمرهم على النبى صلىاللهعليهوسلم مؤذن بوجوبه عليهم حسبما ينطق به ما بعده من الشرطية وقيل لما كثر فقراء المسلمين نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم المسلمين عن التصدق على المشركين كى تحملهم الحاجة على الدخول فى الإسلام فنزلت أى ليس عليك هدى من خالفك حتى تمنعهم الصدقة لأجل دخولهم فى الإسلام فلا التفات حينئذ فى الكلام وضمير الغيبة للمعهودين من فقراء المشركين بل فيه تلوين فقط وقوله تعالى (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) على الأول التفات من الغيبة إلى خطاب المكلفين لزيادة هزهم نحو الامتثال وعلى الثانى تلوين للخطاب بتوجيهه إليهم وصرفه عن النبى صلىاللهعليهوسلم وما شرطية جازمة لتنفقوا منتصبة به على المفعولية ومن تبعيضية متعلقة بمحذوف وقع صفة لاسم الشرط مبينة ومخصصة له أى أى شىء تنفقوا كائن من مال (فَلِأَنْفُسِكُمْ) أى فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم فلا تمنوا على من أعطيتموه ولا تؤذوه ولا تنفقوا من الخبيث أو فنفعه الدينى لكم لا لغيركم من الفقراء حتى تمنعوه ممن لا ينتفع به من حيث الدين من فقراء المشركين (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) استثناء من أعم العلل أو أعم الأحوال أى ليست نفقتكم لشىء من الأشياء إلا لابتغاء وجه الله أو ليست فى حال من الأحوال إلا حال ابتغاء وجه الله فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث الذى لا يوجد مثله إلى الله تعالى وقيل هو نفى فى معنى النهى (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أى أجره وثوابه أضعافا مضاعفة حسبما فصل فيما قبل فلا عذر لكم فى أن ترغبوا عن إنفاقه