(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)(٢٨٣)
____________________________________
الشهادة أو لتحملها وتسميتهم شهداء قبل التحمل لما مر من تنزيل المشارف منزلة الواقع وما مزيدة عن قتادة أنه كان الرجل يطوف فى الحواء العظيم فيه القوم فلا يتبعه منهم أحد فنزلت (وَلا تَسْئَمُوا) أى لا تملوا من كثرة مدايناتكم (أَنْ تَكْتُبُوهُ) أى الدين أو الحق أو الكتاب وقيل كنى به عن الكسل الذى هو صفة المنافق كما ورد فى قوله تعالى (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) وقد قال النبى صلىاللهعليهوسلم لا يقول المؤمن كسلت (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً) حال من الضمير أى حال كونه صغيرا أو كبيرا أى قليلا أو كثيرا أو مجملا أو مفصلا (إِلى أَجَلِهِ) متعلق بمحذوف وقع حالا من الهاء فى تكتبوه أى مستقرا فى الذمة إلى وقت حلوله الذى أقربه المديون (ذلِكُمْ) إشارة إلى ما أمر به من الكتب والخطاب للمؤمنين (أَقْسَطُ) أى أعدل (عِنْدَ اللهِ) أى فى حكمه تعالى (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ) أى أثبت لها وأعون على إقامتها وهما مبنيان من أقسط وأقام فإنه قياسى عند سيبويه أو من قاسط بمعنى ذى قسط وقويم وإنما صحت الواو فى أقوم كما صحت فى التعجب لجموده (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) وأقرب إلى انتفاء ريبكم فى جنس الدين وقدره وأجله وشهوده ونحو ذلك (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ) استثناء منقطع من الأمر بالكتابة أى لكن وقت كون تداينكم أو تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيهما يدا بيد (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) أى فلا بأس بأن لا تكتبوها لبعده عن التنازع والنسيان وقرىء برفع تجارة على أنها اسم كان وحاضرة صفتها وتديرونها خبرها أو على أنها تامة (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) أى هذا التبايع أو مطلقا لأنه أحوط والأوامر الواردة فى الآية الكريمة للندب عند الجمهور وقيل للوجوب ثم اختلف فى إحكامها ونسخها (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) نهى عن المضارة محتمل للبناءين كما ينبئ عنه قراءة من قرأ ولا يضارر بالكسر والفتح وهو نهيهما عن ترك الإجابة والتغيير والتحريف فى الكتبة والشهادة أو نهى الطالب عن الضرار بهما بأن يعجلهما عن مهمهما أو يكلفهما الخروج عما حد لهما أو لا يعطى الكاتب جعله وقرىء بالرفع على أنه نفى فى معنى النهى (وَإِنْ تَفْعَلُوا) ما نهيتم عنه من الضرار (فَإِنَّهُ) أى فعلكم ذلك (فُسُوقٌ بِكُمْ) أى خروج عن الطاعة ملتبس بكم (وَاتَّقُوا اللهَ) فى مخالفة أوامره وتواهيه التى من جملتها نهيه عن المضارة (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) أحكامه المتضمنة لمصالحكم (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فلا يكاد يخفى عليه حالكم وهو مجازيكم بذلك كرر لفظ الجلالة فى الجمل الثلاث لإدخال الروعة وتربية المهابة وللتنبيه على استقلال كل منها بمعنى على حياله فإن الأولى حث على التقوى والثانية وعد بالإنعام والثالثة تعظيم لشأنه تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ) أى مسافرين أو متوجهين إليه (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً) فى المداينة وقرىء كتابا وكتبا وكتابا (فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ) أى فالذى يستوثق به أو