(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (١٨٥) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٨٦)
____________________________________
للبينات (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وعد ووعيد للمصدق والمكذب وقرىء ذائقة الموت بالتنوين وعدمه كما فى قوله [ولا ذاكر الله إلا قليلا](وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ) أى تعطون أجزية أعمالكم على التمام والكمال (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أى يوم قيامكم من القبور وفى لفظ التوفية إشارة إلى أن بعض أجورهم يصل إليهم قبله كما ينبئ عنه قوله عليه الصلاة والسلام القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) أى بعد عنها يومئذ ونجى والزحزحة فى الأصل تكرير الزح وهو الجذب بعجلة (وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) بالنجاة ونيل المراد والفوز الظفر بالبغية وعن النبى صلىاللهعليهوسلم من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتى إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) أى لذاتها وزخارفها (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) شبهت بالمتاع الذى يدلس به على المستام ويغر حتى يشتريه وهذا لمن آثرها على الآخرة فأما من طلب بها الآخرة فهى له متاع بلاغ والغرور إما مصدر أو جمع غار (لَتُبْلَوُنَّ) شروع فى تسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن معه من المؤمنين عما سيلقونه من جهة الكفرة من المكاره إثر تسليتهم عما قد وقع مهم ليوطنوا أنفسهم على احتماله عند وقوعه ويستعدوا للقائه ويقابلوه بحسن الصبر والثبات فإن هجوم الأوجال مما يزلزل أقدام الرجال والاستعداد للكروب مما يهون الخطوب وأصل الابتلاء الاختبار أى تطلب الخبرة بحال المختبر بتعريضه لأمر يشق عليه غالبا ملابسته ومقارفته وذلك إنما يتصور حقيقة مما لا وقوف له على عواقب الأمور وأما من جهة العليم الخبير فلا يكون إلا مجازا من تمكينه للعبد من اختيار أحد الأمرين أو الأمور قبل أن يرتب عليه شيئا هو من مباديه العادية كما مر والجملة جواب قسم محذوف أى والله لتبلون أى لتعاملن معاملة المختبر ليظهر ما عندكم من الثبات على الحق والأعمال الحسنة وفائدة التوكيد إما تحقيق معنى الابتلاء تهوينا للخطب وإما تحقيق وقوع المبتلى به مبالغة فى الحث على ما أريد منهم من التهيؤ والاستعداد (فِي أَمْوالِكُمْ) بما يقع فيها من ضروب الآفات المؤدية إلى هلاكها وأما إنفاقها فى سبيل الخير مطلقا فلا يليق نظما فى سلك الابتلاء لما أنه من باب الأضعاف لا من قبيل الاتلاف (وَأَنْفُسِكُمْ) بالقتل والأسر والجراح وما يرد عليها من أصناف المتاعب والمخاوف والشدائد ونحو ذلك وتقديم الأموال لكثرة وقوع الهلكة فيها (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أى من قبل إيتائكم القرآن وهم اليهود والنصارى عبر عنهم بذلك للإشعار بمدار الشقاق والإيذان بأن بعض ما يسمعونه منهم مستند على زعمهم إلى الكتاب كما فى قوله تعالى (إِنْ