(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (٢٤)
____________________________________
تعالى إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين وروى هشام بن عبد الله عن محمد بن الحسن أنه قال كان أهل الجاهلية يعرفون هذه المحرمات إلا اثنتين نكاح امرأة الأب والجمع بين الأختين ألا يرى أنه قد عقب النهى عن كل منهما بقوله تعالى (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) وهذا يشير إلى كون الاستثناء فيهما على سنن واحد ويأباه اختلاف التعليلين (وَالْمُحْصَناتُ) بفتح الصاد وهن ذوات الأزواج أحصنهن التزوج أو الأزواج أو الأولياء أى أعفهن عن الوقوع فى الحرام وقرىء على صيغة اسم الفاعل فإنهن أحصن فروجهن عن غير أزوجهن أو أحصن أزواجهن وقيل الصيغة للفاعل على القراءة الأولى أيضا وفتح الصاد محمول على الشذوذ كما فى نظيريه ملقح ومسهب من ألقح وأسهب قيل قد ورد الإحصان فى القرآن بإزاء أربعة معان الأول التزوج كما فى هذه الآية الكريمة الثانى العفة كما فى قوله تعالى (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) الثالث الحرية كما فى قوله تعالى (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) والرابع الإسلام كما فى قوله تعالى (فَإِذا أُحْصِنَ) قيل فى تفسيره أى أسلمن وهى معطوفة على المحرمات السابقة وقوله تعالى (مِنَ النِّساءِ) متعلق بمحذوف وقع حالا منها أى كائنات من النساء وفائدته تأكيد عمومها لا دفع توهم شمولها للرجال بناء على كونها صفة للأنفس كما توهم (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) استثناء من المحصنات استثناء النوع من الجنس أى ملكتموه وإسناد الملك إلى الأيمان لما أن سببه الغالب هو الصفة الواقعة بها وقد اشتهر ذلك فى الأرقاء لا سيما فى إناثهم وهن المرادات ههنا رعاية للمقابلة بينه وبين ملك النكاح الوارد على الحرائر والتعبير عنهن بما لإسقاطهن بما فيهن من قصور الرق عن رتبة العقلاء وهى إما عامة حسب عموم صلتها فالاستثناء حينئذ ليس لإخراج جميع أفرادها من حكم التحريم بطريق شمول النفى بل بطريق نفى الشمول المستلزم لإخراج بعضها أى حرمت عليكم المحصنات على الإطلاق إلا المحصنات اللآتى ملكتموهن فإنهن لسن من المحرمات على الإطلاق بل فيهن من لا يحرم نكاحهن فى الجملة وهن المسبيات بغير أزواجهن أو مطلقا حسب اختلاف الرأيين وإما خاصة بالمذكورات فالمعنى حرمت عليكم المحصنات إلا اللآتى سبين فإن نكاحهن مشروع فى الجملة أى لغير ملاكهن وأما حلهن لهم بحكم ملك اليمين فمفهوم بدلالة النص لاتحاد المناط لا بعبارته لما عرفت من أن مساق النظم الكريم لبيان حرمة التمتع بالمحرمات المعدودة بحكم ملك النكاح وإنما ثبوت حرمة التمتع بهن بحكم ملك اليمين بطريق دلالة النص وذلك مما لا يجرى فيه الاستثناء قطعا وأما عدهن من ذوات الأزواج مع تحقق الفرقة بينهن وبين أزواجهن قطعا بالتباين أو بالسبى على اختلاف الرأيين فمبنى على اعتقاد الناس حيث كانوا حينئذ غافلين عن الفرقة ألا يرى إلى ما روى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه من أنه قال أصبنا يوم أوطاس سبايالهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا النبى صلىاللهعليهوسلم وفى رواية عنه قلنا يا رسول الله كيف نقع على