(وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠) وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) (١٠١)
____________________________________
إشارة إلى المستضعفين الموصوفين بما ذكر من صفات العجز (عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) جىء بكلمة الإطماع ولفظ العفو إيذانا بأن الهجرة من تأكد الوجوب بحيث ينبغى أن يعد تركها ممن تحقق عدم وجوبها عليه ذنبا يجب طلب العفو عنه رجاء وطمعا لا جزما وقطعا (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً) تذييل مقرر لما قبله (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً) ترغيب فى المهاجرة وتأنيس لها أى يجد فيها متحولا ومهاجرا وإنما عبر عنه بذلك تأكيدا للترغيب لما فيه من الإشعار بكون ذلك المتحول بحيث يصل فيه المهاجر من الخير والنعمة إلى ما يكون سببا لرغم أنف قومه الذين هاجرهم والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الأنف بالرغام وهو التراب وقيل يجد فيها طريقا يراغم بسلوكه قومه أى يفارقهم على رغم أنوفهم (وَسَعَةً) أى من الرزق (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) أى قبل أن يصل إلى المقصد وإن كان ذلك خارج بابه كما ينبئ عنه إيثار الخروج من بيته على المهاجرة وهو عطف على فعل الشرط وقرىء بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وقيل هو حركة الهاء نقلت إلى الكاف على نية الوقف كما فى قوله[من عنزى سبنى لم أضربه عجبت والدهر كثير عجبه] وقرىء بالنصب على إضمار أن كما فى قوله [وألحق بالحجاز فأستريحا] (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أى ثبت ذلك عنده تعالى ثبوت الأمر الواجب. روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما بعث بالآيات المتقدمة إلى مسلمى مكة قال جندب بن ضمرة لبنيه وكان شيخا كبيرا احملونى فإنى لست من المستضعفين وإنى لأهتدى الطريق والله لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت فصفق بيمينه على شماله ثم قال اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك رسولك فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا لو توفى بالمدينة لكان أتم أجرا فنزلت. قالوا كل هجرة فى غرض دينى من طلب علم أو حج أو جهاد أو نحو ذلك فهى هجرة إلى الله عزوجل وإلى رسوله صلىاللهعليهوسلم (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) مبالغا فى المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التى من جملتها القعود من الهجرة إلى وقت لخروج (رَحِيماً) مبالغا فى الرحمة فيرحمه بإكمال ثواب هجرته (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) شروع فى بيان كيفية الصلاة عند الضرورات من السفر ولقاء العدو والمرض والمطر وفيه تأكيد لعزيمة المهاجر على المهاجرة وترغيب له فيها لما فيه من تخفيف المؤنة أى إذا سافرتم أى مسافرة كانت ولذلك لم يقيد بما قيد به المهاجرة (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) أى حرج فلا إثم؟؟؟ (أَنْ تَقْصُرُوا) أى فى أن تقصروا والقصر خلاف المد يقال قصرت الشىء أى جعلته قصيرا بحذف بعض أجزائه أو أوصافه فمتعلق القصر حقيقية إنما هو ذلك الشىء لا بعضه فإنه متعلق الحذف دون القصر وعلى هذا فقوله تعالى