(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢)
____________________________________
أمن الناس فقال عمر رضى الله عنه عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وفيه دليل على عدم جواز الإكمال لأن التصدق بما لا يحتمل التمليك إسقاط محض لا يحتمل الرد كما حقق فى موضعه ولا يتوهمن أنه مخالف للكتاب لأن التقييد بالشرط عندنا إنما يدل على ثبوت الحكم عند وجود الشرط وأما عدمه عند عدمه فساكت عنه فإن وجد له دليل ثبت عنده أيضا وإلا يبقى على حاله لعدم تحقق دليله لا لتحقق دليل عدمه وناهيك بما سمعت من الأدلة الواضحة وأما عند القائلين بالمفهوم فلأنه إنما يدل على نفى الحكم عند عدم الشرط إذا لم يكن له فائدة أخرى وقد خرج الشرط ههنا مخرج الأغلب كما فى قوله تعالى (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) بل نقول إن الآية الكريمة مجملة فى حق مقدار القصر وكيفيته وفى حق ما يتعلق به من الصلوات وفى مقدار مدة الضرب الذى نيط به القصر فكل ما ورد عنه صلىاللهعليهوسلم من القصر فى حال الأمن وتخصيصه بالرباعيات على وجه التنصيف وبالضرب فى المدة المعينة بيان لإجمال الكتاب وقد قيل إن قوله تعالى (إِنْ خِفْتُمْ) الخ متعلق بما بعده من صلاة الخوف منفصل عما قبله فإنه روى عن أبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه أنه قال نزل قوله تعالى (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ثم سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد حول فنزل إن خفتم الخ أى إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فليس عليكم جناح الخ وقد قرىء من الصلاة أن يفتنكم بغير إن خفتم على أنه مفعول له لما دل عليه الكلام كأنه قيل شرع لكم ذلك كراهة أن يفتنكم الخ فإن استمرار الاشتغال بالصلاة مظنة لاقتدارهم على إيقاع الفتنة وقوله تعالى (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) تعليل لذلك باعتبار تعلله بما ذكر أو لما يفهم من الكلام من كون فتنتهم متوقعة فإن كمال عداوتهم للمؤمنين من موجبات التعرض لهم بسوء وقوله تعالى (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ) بيان لما قبله من النص المجمل الوارد فى مشروعية القصر بطريق التفريع وتصوير لكيفيته عند الضرورة التامة وتخصيص البيان بهذه الصورة مع الاكتفاء فيما عداها بالبيان بطريق السنة لمزيد حاجتها إليه لما فيها من كثرة التغيير عن الهيئة الأصلية ومن ههنا ظهر لك أن مورد النص الشريف على المقصورة وحكم ما عداها مستفاد من حكمها والخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بطريق التجريد وبظاهره يتعلق من لا يرى صلاة الخوف بعده صلىاللهعليهوسلم ولا يخفى أن الأئمة بعده نوابه صلىاللهعليهوسلم قوام بما كان يقوم به فيتناولهم حكم الخطاب الوارد له صلىاللهعليهوسلم كما فى قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) وقد روى أن سعيد بن العاص لما أراد