أن يصلى بطبرستان صلاة الخوف قال من شهد منكم صلاة الخوف مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقام حذيفة بن اليمان رضى الله عنه فوصف له ذلك فصلى بهم كما وصف وكان ذلك بحضرة الصحابة رضى الله عنهم فلم ينكره أحد فحل محل الإجماع وروى فى السنن أنهم غزوا مع عبد الرحمن بن سمرة بابل فصلى بهم صلاة الخوف (فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) أى أردت أن تقيم بهم الصلاة (فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) بعد أن جعلتهم طائفتين ولتقف الطائفة الأخرى بإزاء العدو ليحرسوكم منهم وإنما لم يصرح به لظهوره (وَلْيَأْخُذُوا) أى الطائفة القائمة معك (أَسْلِحَتَهُمْ) أى لا يضعوها ولا يلقوها وإنما عبر عن ذلك بالأخذ للإيذان بالاعتناء باستصحابها كأنهم يأخذونها ابتداء (فَإِذا سَجَدُوا) أى القائمون معك وأتموا الركعة (فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) أى فلينصرفوا إلى مقابلة العدو للحراسة (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) بعد وهى الطائفة الواقفة تجاه العدو للحراسة وإنما لم تعرف لما أنها لم تذكر فيما قبل (فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) الركعة الباقية ولم يبين فى الآية الكريمة حال الركعة الباقية لكل من الطائفتين وقد بين ذلك بالسنة حيث روى عن ابن عمرو ابن مسعود رضى الله عنهم أن النبى صلىاللهعليهوسلم حين صلى صلاة الخوف صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالطائفة الأخرى ركعة كما فى الآية الكريمة ثم جاءت الطائفة الأولى وذهبت هذه إلى مقابلة العدو حتى قضت الأولى الركعة الأخيرة بلا قراءة وسلموا ثم جاءت الطائفة الأخرى وقضوا الركعة الأولى بقراءة حتى صار لكل طائفة ركعتان (وَلْيَأْخُذُوا) أى هذه الطائفة (حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) لعل زيادة الأمر بالحذر فى هذه المرة لكونها مظنة لوقوف الكفرة على كون الطائفة القائمة مع النبى صلىاللهعليهوسلم فى شغل شاغل وأما قبلها فربما يظنونهم قائمين للحرب وتكليف كل من الطائفتين بما ذكر لما أن الاشتغال بالصلاة مظنة لإلقاء السلاح والإعراض عن غيرها ومئنة لهجوم العدو كما ينطق به قوله تعالى (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) فإنه استئناف مسوق لتعليل الأمر المذكور والخطاب للفريقين بطريق الالتفات أى تمنوا أن ينالوا منكم غرة وينتهزوا فرصة فيشدوا عليكم شدة واحدة والمراد بالأمتعة ما يتمتع به فى الحرب لا مطلقا وهذا الأمر للوجوب لقوله تعالى (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) حيث رخص لهم فى وضعها إذا ثقل عليهم استصحابها بسبب مطر أو مرض وأمروا مع ذلك بالتيقظ والاحتياط فقيل (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) لئلا يهجم العدو عليكم غيلة روى الكلبى عن أبى صالح أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم غزا محاربا وبنى أنمار فنزلوا ولا يرون من العدو أحدا فوضع الناس أسلحتهم وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحاجة له وقد وضع سلاحه حتى قطع الوادى والسماء ترش فحال الوادى بينه صلىاللهعليهوسلم وبين أصحابه فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبصر به غورث بن الحرث المحاربى فقال قتلنى الله إن لم أقتلك ثم انحدر من الجبل ومعه السيف فلم يشعر به رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلا وهو قائم على رأسه وقد سل سيفه من غمده فقال يا محمد من يعصمك منى الآن فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم الله عزوجل ثم قال اللهم اكفنى غورث بن الحرث بما شئت ثم أهوى بالسيف إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليضر به فأكب لوجهه من زلخة زلخها بين كتفيه فبدر سيفه فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخذه ثم قال يا غورث من يمنعك منى الآن قال لا أحد قال صلىاللهعليهوسلم تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأعطيك سيفك قال لا ولكن أشهد أن لا أقاتلك أبدا ولا أعين عليك عدوا