(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢) لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) (١١٣)
____________________________________
على الشرطية وثم للتراخى فى الرتبة أى لا ينصرون من جهة أحد ولا يمنعون منكم قتلا وأخذا وفيه تثبيت لمن آمن منهم فإنهم كانوا يؤذونهم بالتلهى بهم وتوبيخهم وتضليلهم وتهديدهم وبشارة لهم بأنهم لا يقدرون على أن يتجاوزوا الأذى بالقول إلى ضرر يعبأ به مع أنه وعدهم الغلبة عليهم والانتقام منهم وأن عاقبة أمرهم الخذلان والذل وإنما لم يعطف نفى منصوريتهم على الجزاء لأن المقصود هو الوعد بنفى النصر مطلقا ولو عطف عليه لكان مقيدا بمقاتلتهم كتولية الأدبار وكم بين الوعدين كأنه قيل ثم شأنهم الذى أخبركم عنه وأبشركم به أنهم مخذولون منتف عنهم النصر والقوة لا ينهضون بعد ذلك بجناح ولا يقومون على ساق ولا يستقيم لهم أمر وكان كذلك حيث لقى بنو قريظة والنضير وبنو قينقاع ويهود خيبر مالقوا (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) أى هدر النفس والمال والأهل أوذل التمسك بالباطل (أَيْنَما ثُقِفُوا) أى وجدوا (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) استثناء من أعم الأحوال أى ضربت عليهم الذلة ضرب القبة على من هى عليه فى جميع الأحوال إلا حال كونهم معتصمين بذمة الله أو كتابه الذى أتاهم وذمة المسلمين أو بذمة الإسلام واتباع سبيل المؤمنين (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) أى رجعوا مستوجبين له والتنكير للتفخيم والتهويل ومن متعلقة بمحذوف وقع صفة لغضب مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة والهول أى كائن من الله عزوجل (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) فهى محيطة بهم من جميع جوانبهم واليهود كذلك فى غالب الحال مساكين تحت أيدى المسلمين والنصارى (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة عليهم والبوء بالغضب العظيم (بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) أى ذلك الذى ذكر كائن بسبب كفرهم المستمر بآيات الله الناطقة بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم وتحريفهم لها وبسائر الآيات القرآنية (وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) أى فى اعتقادهم أيضا وإسناد القتل إليهم مع أنه فعل أسلافهم لرضاهم به كما أن التحريف مع كونه من أفعال أحبارهم ينسب إلى كل من يسير بسيرتهم (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من الكفر والقتل (بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) أى كائن بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله تعالى على الاستمرار فإن الإصرار على الصغائر يفضى إلى مباشرة الكبائر والاستمرار عليها يؤدى إلى الكفر وقيل معناه أن ضرب الذلة والمسكنة فى الدنيا واستيجاب الغضب فى الآخرة كما هو معلل بكفرهم وقتلهم فهو مسبب عن عصيانهم واعتدائهم من حيث أنهم مخاطبون بالفروع من حيث المؤاخذة (لَيْسُوا سَواءً) جملة مستأنفة سيقت تمهيدا لتعداد محاسن مؤمنى أهل الكتاب وتذكيرا لقوله تعالى (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ) والضمير فى (لَيْسُوا) لأهل الكتاب جميعا لا للفاسقين منهم خاصة وهو اسم ليس وخبره سواء وإنما أفرد لأنه فى الأصل مصدر