(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (١١٦)
____________________________________
الملائكة بين السماء والأرض عليها كل الطعام إلا اللحم وقال قتادة كان عليها ثمر من ثمار الجنة وقال عطية العوفى نزلت من السماء سمكة فيها طعم كل شىء وقال الكلبى ومقاتل نزلت سمكة وخمسة أرغفة فأكلوا ما شاء الله تعالى والناس ألف ونيف فلما رجعوا إلى قراهم ونشروا الحديث ضحك منهم من لم يشهدو قالوا ويحكم إنما سحرا عينكم فمن أراد الله به الخير ثبته على بصيرة ومن أراد فتنته رجع إلى كفره فمسخوا خنازير فمكثوا كذلك ثلاثة أيام ثم هلكوا ولم يتوالدوا ولم يأكلوا ولم يشربوا وكذلك كل ممسوخ (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) معطوف على إذ قال الحواريون منصوب بما نصبه من المضمر المخاطب به النبى صلىاللهعليهوسلم أو بمضمر مستقل معطوف على ذلك أى اذكر للناس وقت قول الله عزوجل له عليهالسلام فى الآخرة توبيخا للكفرة وتبكيتا لهم بإقراره عليهالسلام على رءوس الأشهاد بالعبودية وأمره لهم بعبادته عزوجل وصيغة الماضى لما مر من* الدلالة على التحقق والوقوع (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) الاتخاذ إما متعد إلى مفعولين فإلهين ثانيهما وإما إلى واحد فهو حال من المفعول وليس مدار أصل الكلام أن القول متيقن والاستفهام لتعيين القائل كما هو المتبادر من إيلاء الهمزة المبتدأ على الاستعمال الفاشى وعليه قوله تعالى (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا) ونظائره بل على أن المتيقن هو الاتخاذ والاستفهام لتعيين أنه بأمره عليهالسلام أو من تلقاء أنفسهم كما فى قوله* تعالى أأنتم أضللتم عبادى هؤلاء أم هم ضلوا السبيل وقوله تعالى (مِنْ دُونِ اللهِ) متعلق بالاتخاذ ومحله النصب على أنه حال من فاعله أى متجاوزين الله أو بمحذوف هو صفة لإلهين أى كائنين من دونه تعالى وأيا ما كان فالمراد اتخاذهما بطريق إشراكهما به سبحانه كما فى قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) وقوله عزوجل (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) إلى قوله سبحانه وتعالى (عَمَّا يُشْرِكُونَ) إذ به يتأنى التوبيخ ويتسنى التقريع والتبكيت ومن توهم أن ذلك بطريق الاستقلال ثم اعتذر عنه بأن النصارى يعتقدون أن المعجزات التى ظهرت على يد عيسى ومريم عليهما الصلاة والسلام لم يخلقها الله تعالى بل هما خلقاها فصح أنهم اتخذوهما فى حق بعض الأشياء إلهين مستقلين ولم يتخذوه تعالى إلها فى حق ذلك البعض فقد أبعد عن الحق بمراحل وأما من تعمق فقال إن عبادته تعالى مع عبادة غيره كلا عبادة فمن عبده تعالى مع عبادتهما كأنه عبدهما ولم يعبده تعالى فقد غفل عما يجديه واشتغل بما لا يعنيه كدأب من قبله فإن توبيخهم إنما يحصل بما يعتقدونه ويعترفون به صريحا لا بما يلزمه* بضرب من التأويل وإظهار الاسم الجليل لكونه فى حيز القول المسند إلى عيسى عليهالسلام (قالَ) استئناف مبنى على سؤال نشأ من صدر الكلام كأنه قيل فماذا يقول عيسى عليهالسلام حينئذ فقيل يقول وإيثار* صيغة الماضى لما مر مرارا (سُبْحانَكَ) سبحان علم للتسبيح وانتصابه على المصدرية ولا يكاد يذكر ناصبه