(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨) قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١٩)
____________________________________
متعلق به أى أنت كنت الحافظ لأعمالهم والمراقب فمنعت من أردت عصمته عن المخالفة بالإرشاد إلى الدلائل والتنبيه عليها بإرسال الرسل وإنزال الآيات وخذلت من خذلت من الضالين فقالوا ما قالوا* (وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) اعتراض تذييلى مقرر لما قبله وفيه إيذان بأنه تعالى كان هو الشهيد على الكل حين كونه عليهالسلام فيما بينهم وعلى متعلقة بشهيد والتقديم لمراعاة الفاصلة (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) * وقد استحقوا ذلك حيث عبدوا غيرك (وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) أى القوى القادر على جميع* المقدورات ومن جملتها الثواب والعقاب (الْحَكِيمُ) الذى لا يريد ولا يفعل إلا ما فيه حكمة ومصلحة فإن المغفرة مستحسنة لكل مجرم فإن عذبت فعدل وإن غفرت ففضل وعدم غفران الشرك إنما هو بمقتضى الوعيد فلا امتناع فيه لذاته ليمنع الترديد وقيل الترديد بالنسبة إلى فرقتين والمعنى إن تعذبهم أى من كفر مهم وإن تغفر لهم أى من آمن منهم (قالَ اللهُ) كلام مستأنف ختم به حكاية ما حكى مما يقع يوم يجمع الله الرسل عليهم الصلاة والسلام وأشير إلى نتيجته ومآله أى يقول الله تعالى يومئذ عقيب جواب عيسى عليهالسلام مشيرا إلى صدقه فى ضمن بيان حال الصادقين الذين هو فى زمرتهم وصيغة الماضى لما مر فى* نظائره مرارا وقوله تعالى (هذا) إشارة إلى ذلك اليوم وهو مبتدأ خبره ما بعده أى هذا اليوم الذى حكى* بعض ما يقع فيه إجمالا وبعضه تفصيلا (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ) بالرفع والإضافة والمراد بالصادقين كما ينبىء عنه الاسم المستمرون فى الدارين على الصدق فى الأمور الدينية التى معظمها التوحيد الذى نحن بصدده والشرائع والأحكام المتعلقة به من الرسل الناطقين بالحق والصدق الداعين إلى ذلك وبه تحصل الشهادة بصدق عيسى عليهالسلام ومن الأمم المصدقين لهم المقتدين بهم عقدا وعملا وبه يتحقق المقصود بالحكاية من ترغيب السامعين فى الإيمان برسول الله صلىاللهعليهوسلم لا كل من صدق فى أى شىء كان ضرورة أن الجانى* المعترف فى الدنيا بجنايته لا ينفعه يومئذ اعترافه وصدقه (صِدْقُهُمْ) أى صدقهم فيما ذكر من أمور الدين فى الدنيا إذ هو المستتبع للنفع يومئذ واعتبار استمراره فى الدارين مع أنه لا حاجة إليه كما عرفت ولا دخل له فى استتباع النفع والجزاء مما لا وجه له وهذه القراءة هى التى أطبق عليها الجمهور وهى الأليق بسباق النظم الكريم وسياقه وقد قرىء يوم بالنصب إما على أنه ظرف لقال فهذا حينئذ إشارة إلى قوله تعالى (أَأَنْتَ قُلْتَ) الخ وإما على أنه خبر لهذا فهو حينئذ إشارة إلى جواب عيسى عليهالسلام أى هذا الجواب منه عليهالسلام واقع يوم ينفع الخ أو إلى السؤال والجواب معا وقيل هو خبر ولكنه بنى على الفتح وليس بصحيح عند البصريين لأنه مضاف إلى متمكن وقرىء يوم بالرفع والتنوين كقوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي) الآية* (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً) استئناف مسوق لبيان النفع المذكور كأنه قيل