(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٤)
____________________________________
فى الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى (حُجَّتُنا) خبره وفى إضافتها إلى نون العظمة من التفخيم ما لا يخفى* وقوله تعالى (آتَيْناها إِبْراهِيمَ) أى أرشدناه إليها أو علمناه إياها فى محل النصب على أنه حال من حجتنا* والعامل فيها معنى الإشارة كما فى قوله تعالى (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) أو فى محل الرفع على أنه خبر ثان أو هو الخبر و (حُجَّتُنا) بدل أو بيان للمبتدأ و (إِبْراهِيمَ) مفعول أول لآتينا قدم عليه الثانى لكونه ضميرا وقوله تعالى (عَلى قَوْمِهِ) متعلق ب (حُجَّتُنا) إن جعل خبرا ل (تِلْكَ) أو بمحذوف إن جعل بدلا أى آتينا إبراهيم* حجة على قومه وقيل بقوله آتينا (نَرْفَعُ) بنون العظمة وقرىء بالياء على طريقة الالتفات وكذا الفعل* الآتى (دَرَجاتٍ) أى رتبا عظيمة عالية من العلم والحكمة وانتصابها على المصدرية أو الظرفية أو على* نزع الخافض أى إلى درجات أو على التمييز والمفعول قوله تعالى (مَنْ نَشاءُ) وتأخيره على الوجوه* الثلاثة الأخيرة لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ومفعول المشيئة محذوف أى من نشاء رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة وإيثار صيغة الاستقبال للدلالة على أن ذلك سنة مستمرة جارية فيما بين المصطفين الأخيار غير مختصة بإبراهيم عليهالسلام وقرىء بالإضافة إلى من والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها لا محل لها من الإعراب وقيل هى فى محل النصب على أنها حال من فاعل آتينا أى حال كوننا رافعين الخ (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ) فى كل ما فعل من رفع وخفض (عَلِيمٌ) بحال من يرفعه* واستعداده له على مراتب متفاوته والجملة تعليل لما قبلها وفى وضع الرب مضافا إلى ضميره عليهالسلام موضع نون العظمة بطريق الالتفات فى تضاعيف بيان أحوال إبراهيم عليهالسلام إظهار لمزيد لطف وعناية به عليهالسلام (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) عطف على قوله تعالى (وَتِلْكَ حُجَّتُنا) الخ فإن عطف كل من الجملة الفعلية والاسمية على الأخرى مما لا نزاع فى جوازه ولا مساغ لعطفه على (آتَيْناها) لأن له محلا من الإعراب نصبا ورفعا حسبما بين (مِنْ قَبْلُ) فلو عطف هذا عليه لكان فى حكمه من الحالية والخبرية المستدعيتين للرابط ولا سبيل إليه ههنا (كُلًّا) مفعول لما بعده وتقديمه عليه للقصر لكن لا بالنسبة إلى* غيرهما مطلقا بل بالنسبة إلى أحدهما أى كل واحد منهما (هَدَيْنا) لا أحدهما دون الآخر وترك ذكر* المهدى إليه لظهور أنه الذى أوتى إبراهيم وأنهما مقتديان به (وَنُوحاً) منصوب بمضمر يفسره (هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) أى من قبل إبراهيم عليهالسلام عد هداه نعمة على إبراهيم عليهالسلام لأن شرف الوالد سار إلى الولد (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ) الضمير لإبراهيم لأن مساق النظم الكريم لبيان شئونه العظيمة من إيتاء الحجة* ورفع الدرجات وهبة الأولاد الأنبياء وإبقاء هذه الكرامة فى نسله إلى يوم القيامة كل ذلك لإلزام من ينتمى إلى ملته عليهالسلام من المشركين واليهود وقيل لنوح لأنه أقرب ولأن يونس ولوطا ليسا من ذرية إبراهيم فلو كان الضمير له لاختص بالمعدودين فى هذه الآية والتى بعدها وأما المذكورون فى الآية الثالثة فعطف على (نُوحاً) وروى عن ابن عباس أن هؤلاء الأنبياء كلهم مضافون إلى ذرية إبراهيم وإن كان