(وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (١٦٠)
____________________________________
ولم تكن نزلت يومئذ فريضة غير الصلاة والزكاة أمرهم أن يقيموا مكانهم وكانوا يسبتون فأمرهم أن يجمعوا ويتركوا السبت هذا وأنت خبير بأن تخصيصهم بالهداية من بين قومه عليه الصلاة والسلام مع أن منهم من آمن بجميع الشرائع لا يخلو عن بعد (وَقَطَّعْناهُمُ) أى قوم موسى لا الأمة المذكورة* منهم وقرىء بالتخفيف وقوله تعالى (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) ثانى مفعولى قطع لتضمنه معنى التصيير والتأنيث للحمل على الأمة أو القطعة أى صيرناهم اثنتى عشرة أمة أو قطعة متميزا بعضها من بعض أو حال من* مفعوله أى فرقناهم معدودين هذا العدد وقوله تعالى (أَسْباطاً) بدل منه ولذلك جمع أو مميز له على أن* كل واحدة من اثنتى عشرة قطعة أسباط لا سبط وقرىء عشرة بكسر الشين وقوله تعالى (أُمَماً) على* الأول بدل بعد بدل أو نعت لأسباطا وعلى الثانى بدل من أسباطا (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) حين استولى عليهم العطش فى التيه الذى وقعوا فيه بسوء صنيعهم لا بمجرد استسقائهم إياه عليه* الصلاة والسلام بل باستسقائه لهم لقوله تعالى (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) وقوله تعالى (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) مفسر لفعل الإيحاء وقد مر بيان شأن الحجر فى تفسير سورة البقرة (فَانْبَجَسَتْ) عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام قد حذف تعويلا على كمال الظهور وإيذانا بغاية مسارعته عليهالسلام إلى الامتثال وإشعارا بعدم تأثير الضرب حقيقة وتنبيها على كمال سرعة الانبجاس وهو الانفجار كأنه حصل* إثر الأمر قبل تحقق الضرب كما فى قوله تعالى (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أى فضرب فانبجست (مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) بعدد الأسباط وأما ما قيل من أن التقدير فإن ضربت فقد انبجست فغير حقيق بجزالة* النظم النزيلى وقرىء عشرة بكسر الشين وفتحها (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ) كل سبط عبر عنهم بذلك إيذانا بكثرة كل* واحد من الأسباط (مَشْرَبَهُمْ) أى عينهم الخاصة بهم (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) أى جعلناها بحيث تلقى عليهم* ظلها تسير فى التيه بسيرهم وتسكن بإقامتهم وكان ينزل بالليل عمود من نار يسيرون بضوئه (وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) أى الترنجبين والسمانى. قيل كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر إلى الطلوع لكل إنسان* صاع وتبعث الجنوب عليهم السمانى فيذبح الرجل منه ما يكفيه (كُلُوا) أى وقلنا لهم كلوا (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أى مستلذاته وما موصولة كانت أو موصوفة عبارة عن المن والسلوى (وَما ظَلَمُونا) رجوع إلى سنن الكلام الأول بعد حكاية خطابهم وهو معطوف على جملة محذوفة للإيجاز والإشعار بأنه أمر* محقق غنى عن التصريح به أى فظلموا بأن كفروا بتلك النعم الجليلة وما ظلمونا بذلك (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) إذ لا يتخطاهم ضرره وتقديم المفعول لإفادة القصر الذى يقتضيه النفى السابق وفيه ضرب من