(وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٦٢)
____________________________________
التهكم بهم والجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل للدلالة على تماديهم فيما هم فيه من الظلم والكفر (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ) منصوب بمضمر خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم وإيراد الفعل على البناء للمفعول مع استناده إليه تعالى كما يفصح عنه ما وقع فى سورة البقرة من قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنا) للجرى على سنن الكبرياء والإيذان بالغنى عن التصريح به لتعين الفاعل وتغيير النظم بالأمر بالذكر للتشديد فى التوبيخ أى اذكر لهم وقت قوله تعالى لأسلافهم (اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) منصوب على المفعولية يقال سكنت الدار وقيل على الظرفية اتساعا* وهى بيت المقدس وقيل أريحا وهى قرية الجبارين وكان فيها قوم من بقية عاد يقال لهم العمالقة رأسهم عوج بن عنق وفى قوله تعالى (اسْكُنُوا) إيذان بأن المأمور به فى سورة البقرة هو الدخول على لوجه السكنى والإقامة ولذلك اكتفى به عن ذكر رغدا فى قوله تعالى (وَكُلُوا مِنْها) أى من مطاعمها وثمارها على أن من* تبعيضية أو منها على أنها ابتدائية (حَيْثُ شِئْتُمْ) أى من نواحيها من غير أن يزاحمكم فيها أحد فإن الأكل المستمر* على هذا الوجه لا يكون إلا رغدا واسعا وعطف كلوا على اسكنوا بالواو لمقارنتهما زمانا بخلاف الدخول فإنه مقدم على الأكل ولذلك قيل هناك فكلوا (وَقُولُوا حِطَّةٌ) أى مسئلتنا أو أمرك حطة لذنوبنا وهى* فعلة من الحط كالجلسة (وَادْخُلُوا الْبابَ) أى باب القرية (سُجَّداً) أى متطامنين مخبتين أو ساجدين* شكرا على إخراجهم من التيه وتقديم الأمر بالدخول على الأمر بالقول المذكور فى سورة البقرة غير مخل بهذا الترتيب لأن المأمور به هو الجمع بين الفعلين من غير اعتبار الترتيب بينهما ثم إن كان المراد بالقرية أريحاء فقد روى أنهم دخلوها حيث سار إليها موسى عليهالسلام بمن بقى من بنى إسرائيل أو بذراريهم على اختلاف الروايتين ففتحتها كما مر فى سورة المائدة وأما إن كانت بيت المقدس فقد روى أنهم لم يدخلوه فى حياة موسى عليهالسلام فقيل المراد بالباب ياب القبة التى كانوا يصلون إليها (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ) وقرىء خطاياكم كما فى سورة البقرة وتغفر لكم خطيئاتكم وخطاياكم وخطيئتكم على البناء للمفعول (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) عدة بشيئين بالمغفرة وبالزيادة وطرح الواو ههنا لا يخل بذلك لأنه استئناف مترتب* على تقدير سؤال نشأ من الإخبار بالغفران كأنه قيل فماذا لهم بعد الغفران فقيل سنزيد وكذلك زيادة منهم زيادة بيان (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) بما أمروا به من التوبة والاستغفار حيث أعرضوا عنه ووضعوا موضعه (قَوْلاً) آخر مما لا خير فيه. روى أنهم دخلوه زاحفين على أستاههم وقالوا مكان حطة حنطة* وقيل قالوا بالنبطية حطا شمقاثا يعنون حنطة حمراء استخفافا بأمر الله تعالى واستهزاء بموسى عليه الصلاة