(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢)
____________________________________
مظان حاجتهم إلى إحلال غيره حينئذ كأنه قيل أحلت لكم الأنعام مطلقا حال كونكم ممتنعين عن تحصيل ما يغنيكم عنها فى بعض الأوقات محتاجين إلى إحلالها وفى إسناد عدم الإحلال إليهم بالمعنى المذكور مع حصول المراد بأن يقال غير محلل لكم أو محرما عليكم الصيد حال إحرامكم مزيد تربية للامتنان وتقرير للحاجة ببيان علتها القريبة فإن تحريم الصيد عليهم إنما يوجب حاجتهم إلى إحلال ما يغنيهم عنه باعتبار تحريمهم له عملا واعتقادا مع ما فى ذلك من وصفهم بما هو اللائق بهم (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) من الأحكام* حسبما تقتضيه مشيئتة المبنية على الحكم البالغة فيدخل فيها ما ذكر من التحليل والتحريم دخولا أوليا ومعنى الإيفاء بهما الجريان على موجبهما عقدا وعملا والاجتناب عن تحليل المحرمات وتحريم بعض المحللات كالبحيرة ونظائرها التى سيأتى بيانها (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) لما بين حرمة إحلال الإحرام الذى هو من شعائر الحج عقب ذلك ببيان حرمة إحلال سائر الشعائر وإضافتها إلى الله عزوجل لتشريفها وتهويل الخطب فى إحلالها وهى جمع شعيرة وهى اسم لما أشعر أى جعل شعارا وعلما للنسك من مواقيت الحج ومرامى الجمار والمطاف والمسعى والأفعال التى هى علامات الحاج يعرف بها من الإحرام والطواف والسعى والحلق والنحر وإحلالها أن يتهاون بحرمتها ويحال بينها وبين المتنسكين بها ويحدث فى أشهر الحج ما يصد به الناس عن الحج وقيل المراد بها دين الله لقوله تعالى (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) أى دينه وقيل (حُرُماتِ اللهِ) وقيل فرائضه التى حدها العباده وإحلالها الإخلال بها والأول أنسب بالمقام (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) أى لا تحلوه بالقتال فيه وقيل* بالنسىء والأول هو الأولى بحال المؤمنين والمراد به شهر الحج وقيل الأشهر الأربعة الحرم والإفراد لإرادة الجنس (وَلَا الْهَدْيَ) بأن يتعرض له بالغصب أو بالمنع عن بلوغ محله وهو ما أهدى إلى الكعبة* من إبل أو بقر أو شاء جمع هدية كجدى وجدية (وَلَا الْقَلائِدَ) هى جمع قلادة وهى ما يقلد به الهدى من* نعل أو لحاء شجر ليعلم به أنه هدى فلا يتعرض له والمراد النهى عن التعرض لذوات القلائد من الهدى وهى البدن وعطفها على الهدى مع دخولها فيه لمزيد التوصية بها لمزيتها على ما عداها كما عطف جبريل وميكال على الملائكة عليهمالسلام كأنه قيل والقلائد منه خصوصا أو النهى عن التعرض لنفس القلائد مبالغة فى النهى عن التعرض لأصحابها على معنى لا تحلوا قلائدها فضلا عن أن تحلوها كما نهى عن إبداء الزينة بقوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) مبالغة فى النهى عن إبداء مواقعها (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) أى لا تحلوا* قوما قاصدين زيارته بأن تصدوهم عن ذلك بأى وجه كان وقيل هناك مضاف محذوف أى قتال قوم أو أذى قوم آمين الخ وقرىء ولا آمى البيت الحرام بالإضافة وقوله تعالى (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً)