(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣)
____________________________________
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) شروع فى بيان المحرمات التى أشير إليها بقوله تعالى (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) والميتة ما فارقه* الروح من غير ذبح (وَالدَّمُ) أى المسفوح منه لقوله تعالى (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) وكان أهل الجاهلية يصبونه* فى الأمعاء ويشوونه ويقولون لم يحرم من فزد له أى من فصد له (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أى* رفع الصوت لغير الله عند ذبحه كقولهم باسم اللات والعزى (وَالْمُنْخَنِقَةُ) أى التى ماتت بالخنق (وَالْمَوْقُوذَةُ) * أى التى قتلت بالضرب بالخشب ونحوه من وقذته إذا ضربته (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) أى التى تردت من علو أو إلى* بئر فماتت (وَالنَّطِيحَةُ) أى التى نطحتها أخرى فماتت بالنطح والتاء للنقل وقرىء والمنطوحة (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) أى وما أكل منه السبع فمات وقرىء بسكون الباء وقرىء وأكيل السبع وفيه دليل على أن جوارح* الصيد إذا أكلت مما صادته لم يحل (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) إلا ما أدركتم ذكاته وفيه بقية حياة يضطرب اضطراب* المذبوح وقيل الاستثناء مخصوص بما أكل السبع والذكاة فى الشرع بقطع الحلقوم والمرىء بمحدد (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) قيل هو مفرد وقيل جمع نصاب وقرىء بسكون الصاد وأيا ما كان فهو واحد الأنصاب* وهى أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة وقيل هى الأصنام (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) جمع زلم وهو القدح أى وحرم عليكم الاستقسام بالأقداح وذلك أنهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح مكتوب على أحدها أمرنى ربى وعلى الثانى نهانى ربى وعلى الثالث غفل فإن خرج الآمر مضوا على ذلك وإن خرج الناهى اجتنبوا عنه وإن خرج الغافل أجالوها مرة أخرى فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم بالأزلام وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعهودة* (ذلِكُمْ) إشارة إلى الاستقسام بالأزلام ومعنى البعد فيه للإشارة إلى بعد منزلتة فى الشر (فِسْقٌ) تمرد وخروج عن الحد ودخول فى علم الغيب وضلال باعتقاد أنه طريق إليه وافتراء على الله سبحانه إن كان هو المراد بقولهم ربى وشرك وجهالة إن كان هو الصنم وقيل ذلكم إشارة إلى تناول المحرمات المعدودة* لأن معنى تحربمها تحريم تناولها (الْيَوْمَ) اللام للعهد والمراد به الزمان الحاضر وما يتصل به من الأزمنة الماضية والآتية وقيل يوم نزولها وقد نزلت بعد عصر الجمعة يوم عرفة فى حجة الوداع والنبى صلىاللهعليهوسلم واقف بعرفات على العضباء فكادت عضد الناقة تندق لثقلها فبركت وأيا ما كان فهو منصوب على أنه ظرف لقوله تعالى* (يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) أى من إبطاله ورجوعكم عنه بتحليل هذه الخبائث أو غيرها أو من أن يغلبوكم عليه لما شاهدوا من أن الله عزوجل وفى بوعده حيث أظهره على الدين كله وهو الأنسب بقوله