(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤)
____________________________________
تعالى (فَلا تَخْشَوْهُمْ) أى أن يظهروا عليكم (وَاخْشَوْنِ) أى وأخلصوا إلى الخشية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) بالنصر والإظهار على الأديان كلها أو بالتنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على أصول الشرائع وقوانين الاجتهاد وتقديم الجار والمجرور للإيذان من أول الأمر بأن الإكمال لمنفعتهم ومصلحتهم كما فى قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) وعليكم فى قوله تعالى (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) متعلق بأتممت لا بنعمتى* لأن المصدر لا يتقدم عليه معموله وتقديمه على المفعول الصريح لمامر مرات أى أتممتها بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين وهدم منار الجاهلية ومناسكها والنهى عن حج المشرك وطواف العريان أو بإكمال الدين والشرائع أو بالهداية والتوفيق قيل معنى (أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) أنجزت لكم وعدى بقولى ولأتم نعمتى عليكم (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) أى اخترته لكم من بين الأديان وهو الدين عند الله لا غير.* عن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه أن رجلا من اليهود قال له يا أمير المؤمنين آية فى كتابكم تقرءونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال أى آية قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الآية قال عمر رضى الله تعالى عنه قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذى أنزلت فيه على النبى صلىاللهعليهوسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار رضى الله تعالى عنه إلى أن ذلك اليوم عيدلنا. وروى أنه لما نزلت هذه الآية بكى عمر رضى الله تعالى عنه فقال له النبى صلىاللهعليهوسلم ما يبكيك يا عمر قال أبكانى أنا كنا فى زيادة من ديننا فإذ أكمل فإنه لا يكمل شىء إلا نقص فقال عليه الصلاة والسلام صدقت فكانت هذه الآية نعى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فما لبث بعد ذلك إلا أحدا وثمانين يوما (فَمَنِ اضْطُرَّ) متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض بما يوجب* أن يجتنب عنه وهو أن تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدين الكامل والنعمة التامة والإسلام المرضى أى فمن اضطر إلى تناول شىء من هذه المحرمات (فِي مَخْمَصَةٍ) أى مجاعة يخاف معها الموت أو مباديه* (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) قيل غير مائل ومنحرف إليه بأن يأكلها تلذذا أو مجاوزا حد الرخصة أو ينتزعها من* مضطر آخر كقوله تعالى (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ* (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لا يؤاخذه بذلك (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) شروع فى تفصيل المحللات التى ذكر بعضها على وجه الإجمال إثر بيان المحرمات كأنهم سألوا عنها عند بيان أضدادها ولتضمن السؤال معنى القول أوقع على الجملة فماذا مبتدأ وأحل لهم خبره وضمير الغيبة لما أن يسألون بلفظ الغيبة فإنه كما يعتبر حال المحكى عنه فيقال أقسم زيد لأفعلن يعتبر حال الحاكى فيقال أقسم زيد ليفعلن والمسئول ما أحل لهم من المطاعم (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) أى ما لم تستخبثه الطباع السليمة ولم* تنفر عنه كما فى قوله تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ (وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) عطف على* (الطَّيِّباتُ) بتقدير المضاف على أن ما موصولة والعائد محذوف أى وصيد ما علمتموه أو مبتدأ على أن