(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠٩)
____________________________________
كونه حقيقا به إذ لا استحقاق فى مسجد الضرار رأسا وإنما عبر عنه بصيغة التفضيل لفضله وكماله فى نفسه أو الأفضلية فى الاستحقاق المتناول لما يكون باعتبار زعم البانى ومن يشايعه فى الاعتقاد وهو الأنسب بما سيأتى (يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) من المعاصى والخصال الذميمة لمرضاة الله سبحانه وقيل من الجنابة* فلا ينامون عليها (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) أى يرضى عنهم ويدنيهم من جنابه إدناء المحب حبيبه. قيل لما* نزلت مشى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء فإذا الأنصار جلوس فقال أَمؤمنون أنتم فسكت القوم ثم أعادها فقال عمر رضى الله تعالى عنه يا رسول الله إنهم لمؤمنون وأما معهم فقال صلىاللهعليهوسلم أترضون بالقضاء قالوا نعم قال صلىاللهعليهوسلم أتصبرون على البلاء قالوا نعم قال أتشكرون فى الرخاء قالوا نعم قال صلىاللهعليهوسلم مؤمنون ورب الكعبة فجلس ثم قال يا معشر الأنصار إن الله عزوجل قد أثنى عليكم فما الذى تصنعون عند الوضوء وعند الغائط فقالوا نتبع الغائط الأحجار الثلاثة ثم نتبع الأحجار الماء فتلا النبى صلىاللهعليهوسلم فيه رجال يحبون أن يتطهروا وقرىء أن يطهروا بالإدغام وقيل هو عام فى التطهر عن النجاسات كلها وكانوا يتبعون الماء أثر البول وعن الحسن رضى الله عنه هو التطهر عن الذنوب بالتوبة وقيل يحبون أن يتطهروا بالحمى المكفرة لذنوبهم فحموا عن آخرهم (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) على بناء الفعل للفاعل والنصب وقرىء على البناء للمفعول والرفع وقرىء أسس بنيانه على الإضافة جمع أساس وأساس بالفتح والكسر جمع أس وقرىء أساس بنيانه جمع أس أيضا وأس بنيانه وهى جملة مستأنفة مبينة لخيرية الرجال المذكورين من أهل مسجد الضرار والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر أى أبعد ما علم حالهم من أسس بنيان دينه (عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ) أى على قاعدة محكمة هى التقوى من الله وابتغاء* مرضاته بالطاعة والمراد بالتقوى درجتها الثانية التى هى التوقى عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك وقرىء تقوى بالتنوين على أن الألف للإلحاق دون التأنيث (خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) ترك الإضمار للإيذان* باختلاف البنيانين ذاتا مع اختلافهما وصفا وإضافة (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) الشفا الحرف والشفير* والجرف ما جرفه السيل أى استأصله واحتفر ما تحته فبقى واهيا يريد الإنهدام والهار الهائر المتصدع المشرف إلى السقوط من هار يهور ويهار أو هار يهير قدمت لامه على عينه فصار كغاز ورام وقيل حذفت عينه اعتباطا أى بغير موجب فجرى وجوه الإعراب على لامه (فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) مثل* ما بنوا عليه أمر دينهم فى البطلان وسرعة الانطماس بما ذكر ثم رشح بانهياره فى النار ووضع بمقابلة الرضوان تنبيها على أن تأسيس ذلك على أمر يحفظه من النار ويوصله إلى الرضوان ومقتضياته التى أدناها الجنة وتأسيس هذا على ما هو بصدد الوقوع فى النار ساعة فساعة ثم مصيرهم إليها لا محالة وقرىء جرف بسكون الراء (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أى لأنفسهم أو الواضعين للأشياء فى غير مواضعها*