(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٥)
____________________________________
للاستخلاف وقيل منصوب على أنه مفعول به أى أى عمل تعملون أخيرا أم شرا فنعاملكم بحسبه فلا يكون فى كلمة كيف حينئذ دلالة على أن المعتبر فى الجزاء جهات الأعمال وكيفياتها لا ذواتها كما هو رأى القائل بل تكون حينئذ مستعارة لمعنى أى شىء (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) التفات من خطابهم إلى الغيبة إعراضا عنهم وتوجيها للخطاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتعديد جناياتهم المضادة لما أريد منهم بالاستخلاف من تكذيب الرسول والكفر بالآيات البينات وغير ذلك كدأب من قبلهم من القرون المهلكة وصيغة* المضارع للدلالة على تجدد جوابهم الآتى حسب تجدد التلاوة (آياتُنا) الدالة على حقية التوحيد وبطلان* الشرك والإضافة لتشريف المضاف والترغيب فى الإيمان به والترهيب عن تكذيبه (بَيِّناتٍ) حال كونها واضحات الدلالة على ذلك وإيراد فعل التلاوة مبنيا للمفعول مسندا إلى الآيات دون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببنائه للفاعل للإشعار بعدم الحاجة لتعين التالى وللإيذان بأن كلامهم فى نفس المتلو دون التالى* (قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) وضع الموصول موضع الضمير إشعارا بعلية ما فى حيز الصلة للعظيمة المحكية عنهم وأنهم إنما اجترءوا عليها لعدم خوفهم من عقابه تعالى يوم اللقاء لإنكارهم له ولما هو من مباديه من البعث وذما لهم بذلك أى قالوا لمن يتلوها عليهم وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإنما لم يذكر إيذانا* بتعينه (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا) أشاروا بهذا إلى القرآن المشتمل على تلك الآيات لا إلى نفسها فقط قصدا إلى إخراج الكل من البين أى ائت بكتاب آخر نقرؤه ليس فيه ما نستبعده من البعث والحساب والجزاء* وما نكرهه من ذم آلهتنا ومعايبها والوعيد على عبادتها (أَوْ بَدِّلْهُ) بتغيير ترتيبه بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى خالية عنها وإنما قالوه كيدا وطمعا فى المساعدة ليتوسلوا به إلى الإلزام والاستهزاء* به (قُلْ) لهم (ما يَكُونُ لِي) أى ما يصح وما يستقيم لى ولا يمكننى أصلا (أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) أى من قبل نفسى وهو مصدر استعمل ظرفا وقرىء بفتح التاء وقصر الجواب ببيان امتناع ما اقترحوه على اقتراحهم الثانى للإيذان بأن استحالة ما اقترحوه أو لا من الظهور بحيث لا حاجة إلى بيانها وأن التصدى لذلك مع كونه ضائعا ربما يعد من قبيل المجاراة مع السفهاء إذ لا يصدر مثل ذلك الاقتراح عن العقلاء* ولأن ما يدل على استحالة الثانى يدل على استحالة الأول بالطريق الأولى (إِنْ أَتَّبِعُ) أى ما أتبع فى شىء* مما آتى وأذر (إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) من غير تغيير له فى شىء أصلا على معنى قصر حاله صلىاللهعليهوسلم على اتباع ما يوحى إليه لا قصر اتباعه على ما يوحى إليه كما هو المتباد من ظاهر العبارة كأنه قيل ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلى وقد مر تحقيق المقام فى سورة الأنعام وهو تعليل لصدر الكلام فإن من شأنه اتباع الوحى على ما هو عليه لا يستبد بشىء دونه قطعا وفيه جواب للنقض بنسخ بعض الآيات ببعض ورد لما عرضوا به صلىاللهعليهوسلم